أمّا الحصر ، فلأنّ الماهية والوجود واتّصاف الماهيّة بالوجود ، إذا كانت غنيّة عن المؤثر انتفى التأثير ، لأنّه إنّما يعقل (١) في أحد هذه الأمور الثلاثة ، فإذا استغنت عن المؤثر ، فلا أثر ولا تأثير.
وأمّا بطلان الأوّل ، فلأنّ السواد لو كان سوادا بالفاعل ، لكان عند عدم ذلك الفاعل وجب أن يخرج السواد عن كونه سوادا ، لأنّ ما بالغير يرتفع عند ارتفاع ذلك الغير ، لكنّ خروج السواد عن كونه سوادا محال ، لأنّ السواد يستحيل أن يصير غير السواد.
لا يقال : نحن لا نقول : السواد مع كونه سوادا يصير موصوفا بأنّه ليس بسواد ، فإنّ ذلك جمع بين النقيضين. بل نقول : معناه : السواد يفنى ولا يبقى.
لأنّا نقول : إذا قلنا : السواد يفنى ، كان قضية يجب تحقق موضوعها حال الحكم بحصول (٢) المحمول له ، أو سلبه عنه ، والموضوع هو السواد ، فيجب أن يكون متقررا متحققا حال الحكم عليه بالعدم (٣) ، لكنّ ذلك جمع بين النقيضين (٤) ، فتكون هذه القضيّة كاذبة.
وأمّا بطلان الثاني (٥) ، فكذلك أيضا ، لاستلزامه عدم كون الوجود وجودا عند عدم الفاعل.
وأمّا بطلان الثالث (٦) ، فكذلك أيضا ، فإنّ الموصوفية لو كانت موصوفية
__________________
(١) ق وج : «يفعل».
(٢) ق : «لحصول» ، والصحيح ما أثبتناه من م وج.
(٣) أي حال الحكم على السواد بالفناء.
(٤) وهما فناء السواد وتحقّقه.
(٥) بأن يؤثّر المؤثّر في وجود الأثر.
(٦) وهو أن يؤثر المؤثر في صيرورة الماهية موجودة.