وصادرا عن الغير.
وأيضا ، فالعدم مستمر من الأزل إلى الأبد ، والباقي لا يستند إلى المؤثر حال بقائه ، لما يأتي.
لا يقال : علّة العدم عدم العلّة.
لأنّا نقول : العلّية مناقضة للاعلّية التي هي عدم ، فالعلّية ثبوتية ، فالموصوف بها ثابت ، وإلّا فالمعدوم موصوف بالوجود ، وهو محال. ولأنّ العدم نفي محض وعدم صرف لا تميّز فيه ولا تعدد ولا هويّة ، فيستحيل جعل البعض علّة والبعض معلولا.
الوجه السادس :
لو كان الممكن محتاجا إلى المؤثر ، لكانت الحاجة إمّا أن تكون أمرا ثبوتيا في نفسها أو لا تكون (١).
والأوّل باطل ، لأنّ الحاجة لو كانت ثبوتية لساوت في الثبوت غيرها من الماهيّات الثابتة ، وامتازت عنها بخصوصيتها ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فيكون وجودها مغايرا لماهيّتها ، فاتّصاف ماهيتها بوجودها ، إن كان واجبا لذاته كان الوصف المفتقر إلى الممكن واجبا ، وهو باطل بالضرورة. وإن كان ممكنا ، كان محتاجا فله حاجة زائدة على ماهيته ، ويتسلسل. ولأنّ الحاجة لو كانت ثبوتيّة ، وهي معلولة للإمكان ـ وقد ثبت أنّ الإمكان عدمي ـ لزم كون المعدوم علّة في الموجود (٢) ، وهو محال. ولأنّ حاجة الممكن إلى المؤثر سابقة على وجوده ، فلو كانت أمرا ثبوتيا ، لزم أن يكون ثبوت الوصف للشيء سابقا على ثبوت الشيء في
__________________
(١) انظر هذا الوجه في المباحث المشرقية ١ : ٢٢٠.
(٢) أي يكون الإمكان ـ وهو عدمي ـ علّة للحاجة ـ وهي وجودية ـ.