ما ، وحينئذ لا يجب تصوّر جزئه ، ونمنع أيضا كون الوجود المطلق جزءا من وجودي ، لابتنائه على اشتراك الوجود في المعنى وقد خالف فيه جماعة.
الوجه الثاني : التصديق البديهي بأنّ النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان ليس إلّا التصديق بامتناع الخلوّ عن الوجود والعدم ، وذلك مسبوق بتصوّر الوجود ، والسابق على البديهي بديهي.
قيل عليه (١) : التصديق البديهي لا يستلزم كون تصوّراته بديهيّة ، بل يجوز أن تكون كسبيّة.
الوجه الثالث : (٢) تعريف الوجود بنفسه محال وبأجزائه أيضا ، لأنّها إن كانت وجودات لزم توقّف الشيء على نفسه ، وإن لم تكن فعند اجتماعها إن لم يحصل زائد كان الوجود محض ما ليس بوجود. وإن حصل كان هو الوجود ، وتلك الأمور معروضاته ، فلا تكون أجزائه.
وتعريفه بالأمور الخارجة عنه محال ، لأنّ الرسم إنّما يفيد تصوّر الماهية بعد اختصاصه بها ، وذلك إنّما يكون معلوما لو عرفنا الماهية وما غايرها من جميع الماهيّات ، فيلزم الدور و (٣) معرفة ما لا يتناهى ، ولا بالمركّب من الداخل والخارج لأنّه خارج.
وفيه نظر (٤) ؛ لأنّه لا يلزم من كون أجزاء الوجود وجودات أن تكون هي نفس الوجود ، كما أنّه لا يلزم من كون أجزاء الجوهر جواهر أن تكون الأجزاء هي نفس المركّب.
__________________
(١) الظاهر أنّ الإشكال يرد على الوجهين الأوّل والثاني معا ، وقد أجاب الرازي عنه في المباحث المشرقية ١ : ٩٨ ـ ٩٩.
(٢) هذا الوجه وما بعده بيان لعدم إمكان تعريف الوجود. المباحث المشرقية ١ : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٣) م : «وهو» وفي ج : «يلزم».
(٤) وجوه النظر مذكورة أيضا في كشف المراد : ٢٣.