ذكر القارّ. فإن احترزوا به عن الزمان كان قولنا «لا يقتضي القسمة» كافيا ومغنيا عنه.
وأيضا الصوت من مقولة الكيف ؛ لأنّه ليس جوهرا ، ولا كمّا متصلا غير قارّ ، لأنّه منحصر في الزمان ، ولا قارّا ؛ لأنّ الصوت غير قارّ على ما يأتي ، ولا من باقي المقولات ، فهو من الكيف مع أنّه ليس بقارّ ، لأنّ معنى القارّ ما توجد أجزاؤه المفروضة فيه في آن واحد ، وليس الصوت كذلك بالضرورة. ولأنّه معلول لتموّج الهواء ، والتموّج حركة فالصوت معلول الحركة ، ومعلول غير القارّ يجب أن لا يكون قارّا. فإذن الصوت كيف غير قارّ ، فلا يجوز اشتراط القارّ فيه (١).
وأيضا الوحدة عرض قارّ لا يوجب تصورها تصور شيء خارج عنها وعن حاملها ، ولا تقتضي قسمة ولا نسبة في أجزاء حاملها ، وكذا النقطة.
لا يقال : المعقول من النقطة أنّها نهاية الخط ، وذلك لا يعقل إلّا عند تعقّل الخط. والوحدة معنى يلزمه عدم الانقسام ، وهو لا يعقل ، إلّا عند تعقّل الانقسام ، فتصورها يوجب تصور غيرها.
لأنّا نقول : إن اعتبرتم في الكيف أنّه لا يلزم من تصوّره تصوّر غيره مطلقا خرج أكثر أنواع الكيف ، فإنّ الاستقامة والانحناء لا يتصوران إلّا في المقدار. وإن لم تشترطوا ذلك ، بل أن لا يلزم من تصوره تصور شيء خارج عن محلّه ، وما يلزم من تصوّره تصوّر محله أو تصوّر ما يوجد في محله من الكيف ، فالوحدة والنقطة من الكيف ، إذ لا يلزم من تصورهما إلّا تصوّر محلهما أو تصور حال من أحوال محلّهما.
وأيضا الإدراك والعلم [والقدرة] والشهوة والغضب وجميع الأخلاق ، لا يمكن تعقّلها ، إلّا ويوجب تصوّرها تصوّر متعلقاتها ، أعني المعلوم والمقدور
__________________
(١) أي في تعريف الكيف.