سوى ذلك ، فيلزم أن تكون موجودة حال فرضها معدومة ، وذلك باطل بالضرورة (١).
وفيه نظر ؛ لأنّهم سلّموا مغايرة الثبوت للوجود ، وأنّ الثبوت أمر مشترك زائد على الماهيّات ، ولا يلزم أن تكون الماهيات موجودة حال كونها معدومة ، بل أن تكون ثابتة حال كونها معدومة ، وهو محلّ النزاع.
والتحقيق : أن نقول : النزاع هنا ليس إلّا في إثبات معنى غير الثبوت وعدمه ، والحق عدمه ، لأنّ الثبوت هو الكون في الأعيان ، ونحن لا نعقل سوى الماهية والكون في الأعيان ، والوجود هو الكون في الأعيان.
ثانيا : لو كانت الذوات ثابتة في العدم ، لكانت إمّا متناهية أو غير متناهية ، والقسمان باطلان ، فالقول بكونها ثابتة في العدم باطل.
أمّا الأوّل : فبالاتفاق ، وإلّا لزم انحصار مقدور الله تعالى في عدد متناه.
وأمّا الثاني : فلأنّها بعد إخراج شيء منها إلى الوجود إمّا أن تبقى كما كانت وهو باطل بالضرورة ، وإلّا لزم أن يكون الشيء مع غيره كهو لا مع غيره ، وإمّا أن تنقص ، فيلزم تناهيها ، والذي خرج منها إلى الوجود متناه ، فيكون الكلّ متناهيا وقد فرض غير متناه ، هذا خلف (٢).
وفيه نظر ، فإنّه لا يلزم من القلّة التناهي ، فإنّ معلومات الله تعالى أكثر من مقدوراته، وتضعيف الألف مرارا غير متناهية أقلّ من تضعيف الألفين كذلك والكلّ غير متناه ، بل كلّ عدد غير متناه إذا أخذ أي عدد متناه كان منه ، فإنّ الباقي يكون غير متناه وأقلّ من الأوّل.
__________________
(١) استدل به الرازي في المحصل : ٧٨ ، وذكره الايجي في المواقف : ٥٤.
(٢) راجع شرح المصنف على تجريد الاعتقاد ، ذيل قوله : «وانحصار الموجود» ص ٣٣ ، ثم راجع المواقف : ٥٤.