ثالثا : هذه الماهيات من حيث إنّها هي ممكنة لذواتها ، وكل ممكن محدث ، فهذه الماهيات من حيث هي هي محدثة ، فتكون مسبوقة بالنفي الصرف.
أمّا المقدمة الأولى ، فلأنّها لو كانت واجبة التقرّر في الخارج لذواتها ، لكانت واجبة الوجود ، وسيأتي بيان أنّه واحد.
وأمّا الثانية ، فسيأتي بيان أنّ كلّ ممكن محدث ، وأنّ كل محدث مسبوق بالعدم (١).
وفيه نظر ، فإنّهم يسلّمون أنّها ممكنة ومحدثة ، ولكن ليس معنى المحدث هو المسبوق بالنفي ، بل بالعدم. ولا يلزم من كونها واجبة التقرّر في الخارج كونها واجبة الوجود ، لأنّ التقرّر في الخارج هو الثبوت ، وليس واجب الوجود هو واجب التقرّر أو الثبوت ، بل واجب الوجود ، والوجود أخصّ من الثبوت على ما مرّ.
رابعا : الذوات أزليّة ، فلا تكون مقدورة ، والوجود حال ، فلا يكون مقدورا ، فتكون الذوات الموجودة غير مقدورة ، فتنتفي قدرة الله تعالى وهو محال (٢).
وفيه نظر ؛ فإنّهم يذهبون إلى أنّ القادر تأثيره في جعل الذوات موجودة ، ولا يندرج ذلك تحت ما ذكره من الأقسام.
خامسا : السواد المعدوم إمّا أن يكون واحدا أو كثيرا ، والقسمان باطلان ، فالقول بثبوته باطل. أمّا الأوّل ، فلأنّ وحدته إن كانت لازمة لماهيته امتنع تكثّره في الخارج ، وإن لم تكن لازمة أمكن عدمها ، فيحصل التعدّد ، لكنّه محال لتوقّفه على التباين بالهوية ، ثمّ ما به التباين إن كان لازما للماهية لزم اختلاف كل شيئين بالماهية ، فلا يوجد شخصان من نوع واحد ، هذا خلف. وإن لم يكن لازما كان
__________________
(١) انظر المواقف : ٥٤.
(٢) استدل به الرازي في المحصل : ٧٩ ، واعتمد عليه الايجي في المواقف : ٥٥.