إمّا أن يكون مجرّد ذات الجوهر ، أو صفة وجوده ، أو حدوثه ، أو وجود معنى فيه ، أو عدم معنى عنه ، أو فاعل ، أو صفة ذاتية له ، والكلّ باطل ، إلّا قولنا : المقتضي له هو الذات على صفة الجوهرية بشرط الوجود.
أمّا امتناع أن يكون ذلك الأمر ذاته أو وجوده أو حدوثه ، فلأنّه لو كان كذلك للزم أن يكون كلّ ذات وموجود وحادث متحيزا.
وأما امتناع أن يكون لمعنى ، فلأنّه لا بدّ من اختصاص ذلك المعنى ، واختصاصه فرع على تحيّزه ، لأنّه لا معنى للحلول إلّا الحصول في الحيّز تبعا لحصول محلّه فيه ، فلا يجوز أن يكون تحيّزه فرعا على المعنى ، لاستحالة الدور.
وأمّا امتناع أن يكون لعدم معنى ، فلأنّ المعدوم لا اختصاص له.
وأمّا امتناع الفاعل ، فلأنّه لو كان بالفاعل لأمكنه أن يجعل الذات على صفات أجناس غير متناهية ، بأن يجعل الذات الواحدة حركة سوادا متحيّزة ، إلى غير ذلك من صفات الأجناس.
ثمّ لو طرأ بياض ليس بسكون ولا فناء لزم أن لا ننفيه من حيث هو حركة ، وننفيه من حيث هو سواد ، فيكون معدوما موجودا وهو محال.
وإذا بطلت الأقسام كلّها ، سوى أن يكون المقتضي للتحيّز هو الذات على الصفة للذات ، ولا بدّ من أن يكون كذلك قبل الوجود ، حتى يقتضي التحيّز حال الوجود ، صحّ أنّه ذات وأنّه على صفة ، وهو معدوم.
ج : لو كان الجوهر جوهرا بالفاعل وغيره من الأجناس ، لما جاز أن يختص بعضها بصحّة البقاء عليها دون البعض ، كالجوهر وكثير من الأعراض يصحّ عليها البقاء ، والصوت لا يصحّ عليه البقاء ، وكذا الإرادة والكراهة ، فلو لا أنّها مختلفة ، وإلّا لم يجب ذلك.