هذا عمّن تأخذونه ... الحديث. (١)
والأخبار أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى.
قال بعض العلماء : « العلماء ثلاثة » عالم بالله غير عالم بأمر الله ، فهو عبد استولت المعرفة الالهيّة على قلبه فصار مستغرقاً بمشاهدة نور الجلال ، فلا يفرغ لتعلّم الأحكام الا ما لابدّ منه ، وعالم بأمر الله غير عالم بالله ، وهو الذي عرف الحلال والحرام ودقائق الأحكام ، ولم يعرف أسرار جلاله تعالى ، وعالم بهما معاً فهو الجالس على الحدّ المشترك بين عالم المجرّدات والمحسوسات ، فهو تارة مع الله بالحبّ له ، وتارة مع خلقه بالشفقة عليهم ، فإذا رجع منه تعالى إليهم كان كأحدهم ، كأنّه لايعرف الله ، وإذا خلا مشتغلاً بذكره وخدمته فكأنّه لم يعرف الخلق ، وهذا سبيل المرسلين ، وهو المراد بقوله عليهالسلام :
« سائل العلماء ، وخالط الحكماء ، وجالس الكبراء ». (٢)
فالعلماء هم الصنف الثاني أمر بمسائلتهم ، عند الحاجة إلى فتاويهم.
والحكماء هم الصنف الأوّل أمر بمخالطتهم.
والكبراء هم الصنف الثالث أمر بمجالستهم ، لأنّ فيها خير الدنيا والآخرة.
ولكلّ منهم ثلاث علامات :
فعلامة الثاني : الذكر اللساني دون القلبي ، والخوف من الخلق دون الرّب ، والاستحياء في ظاهر الناس وتركه في الباطن من الله.
وعلامة الأوّل : ذكر القلب وخوف الرجاء والحياء ممّا يخطر على القلب.
ويزيد الثالث بالجلوس على الفصل المشترك بين عالمي الغيب
__________________
١ ـ الكافي : ١ / ٣٢ ، كتاب فضل العلم ، باب صفة العلم وفضله ، ح ٢.
٢ ـ المحجة البيضاء : ١ / ٣٧ ، منية المريد : ١٢٥.