« والله لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول الله بينهما فما ظنّكم بسائر الخلق؟ إنّ علم العلماء صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، وإنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرؤمنّا أهل البيت ، فلذلك نسبته إلى العلماء » (١).
أراد عليهالسلام أهل بيت الحكمة والعرفان دون أهل بيت الصبيان والنسوان.
وقال الصادق عليهالسلام : « إنّ امرنا سرّ مستور في سرّ مقنع بالمشاق من هتكه أذلّه الله ». (٢)
والأخبار بهذا المضمون كثيرة.
وثانيها : علم الأخلاق ومعرفة ذمائمها عن محاسنها وأسبابها وثمراتها وعلاجها ، ولهين القسمين من العلم خلق الإنسان وبهما تحصل السعادة الحقيقيّة ، وبتركهما في النشأة الأخروية بحكمهم وحكم علماء الآخرة كما يهلك المعرض عن الأعمال الظاهرة فيها وفي الدنيا بحكمهم وحكم علماء الظاهر أيضاً ، ولذا قيل : إنّ علماء الظاهر زينة الأرض والملك ، وعلماء الباطن زينة السماوات والملكوت.
وأمّا علم الكلام فما ينتفع بها من الأدلّة قد اشتملت عليها الأخبار والخارج عنها إمّا جدال مبتدع أو تطويل بنقل المقالات والشبه والترّهات ممّا لم يكن مألوفاً في العصر الأوّل ولا متعلّقاً في الدين ، وإنّما كان من بدع المبدعين الخارجين عن إطاعة الأئمّة المعصومين إضلالاً للخلق عن الدين المبين ، كما تبيّن في محلّه ، ولكنّه من فروض الكفاية إذا قصد به مقابلة المبتدع الداعي إلى الضلالة وحراسة قلوب الضعفاء عن تخليّلات أهل
__________________
١ ـ الكافي : ١ / ٤٠١ ، كتاب الحجة ، باب أنّ حديثهم صعب ... ، ح ٢.
٢ ـ بصائر الدرجات : ص ٢٨ ، وفيه : « مقنّع بالميثاق ».