وإتلاف البدن بدفع الكيموسات الصالحة التي هي غذاء الأعضاء وصرف الرطوبات الأصلية التي هي موادّ قوامها وتحليل الحرارة الغريزيّة التي هي آلة الطبيعة في تصرّفاتها كالعامل الظالم الذي يأخذ أموال الرعية قهراً ويهلكهم فاقة وفقراً ليصرفهان في مصارفه ، وقد حصلت التجربة بكون المفرط في الوقاع نحيفاً سقيماً بدنه قصيراً عمره ساقطة قوّته ، بل ربما صار فاسداً عقله ، مختلاً دماغه.
وإتلاف المال في وجوه التعمتّعات ، فكثيراً ما أوقعت صاحبها في أودية الفقر والفاقة ، وربما انتهى هذا المرض إلى العشق البهيمي الذي لايعرض الا لقلوب قصيرة الهمم ، فارغة عن حبّ الله ، فربّما أدّى إلى هلاك النفس والبدن ، ولذا ورد في ذمّها ما ورد.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « اتّقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء ». (١)
وروي أنّ الشيطان قال : « المرأة نصف جندي ، وهي سهمي الذي أرمي به فلا اخطيء ، وهي موضع سرّي ورسولي في حاجتي ». (٢)
وفي الخبر : « النساء حبائل الشيطان ». (٣)
ولا يغرّنك كثرة زوجات النبي صلىاللهعليهوآله ، فإنّ استغراقه صلىاللهعليهوآله في حبّ الله سبحانه كان بحيث يخشى احتراق قلبه والسراية إلى قالبه ، فكان يشغل نفسه الشريف بهنّ لئلا تنجّر كثرة استغراقه إلى مفارقة روحه عن بدنه.
ولذا كان يقول في بعض حالات استغراقه وخوضه في غمرات المشاهدة : « كلّميني أو اشغليني يا حميراء » (٤) وهي تشلغه بكلامها عن عظيم ما هو فيه لقصور طاقة قالبه عنه ، ثم من جهة كون هذا عرضيّاً له يتكلّفه رفقاً ببدنه الشريف ، وكان من جبلّته الاستغراق في بحار الحبّ والانس بالله
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٨٠.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٧٧ ، ونسبه فيه إلى « بعضهم ».
٣ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٧٦.
٤ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٧٩.