يبقى جائعاً فيموت. فكذا المتّصف بذمائم الصفات يدفع بعضها ببعض إلى أن ينحصر في واحدة ، فيسهل إزالتها بعد ذلك.
وأنفع العلاج في إزالة البخل إزالة سببه ، أعني حبّ المال بإزالة أسبابه التي أشرنا إليها.
وأمّا الثاني وهو ملكة التبذير الذي نهى الله تعالى عنه ووصف صاحبه بأنه من إخوان الشياطين ( وكان الشيطان لربّه كفوراً ). (١) فدواعيه مختلفة ، وتدخل في الجنس الذي يختصّ داعيها به ومنشؤة غالباً قلّة المعرفة بمنافع المال وصعوبة مسلكة ، والغالب حصول هذه الملكة لمن يحصل له مال بغتة بالارث والهبة ونحوهما من دون كدّ في تحصيله.
وعلاجه التأمّل في فوائده الدينية والدنيوية ممّا ذكرناه.
ثم في متاعب المدخل الحلال وكون تحصيل الموال في المكسب الطيّب في غاية الصعوبة والاشكال ونهاية سهولة مخرج المال ، ولذا شبّه الأوّل بحمل الصخرة العظيمة إلى قلل الجبال والثاني بإطلاقها من الأعلى إلى الأسفل في سهولة الانتقال ، ولاسيّما بالنسبة إلى الأحرار من الرجال ، ولذا تراهم ناقصي الحظوظ من زخارف الدنيا وأموالها لعلوّ همّتهم عن تحصيلها من الوجوه الغير المحمودة كلطمع ممّا في أيدي الخلق بالذلّة والملق وارتكاب أصناف المحرّمات من المكر والخديعة والكذب والسعاية والغمز وغيرها ممّا يتوسّل بها في أمثال زماننا لتحصيلها أو مايكون مشعراً بالدناءة وخسّة الهمّة من صنوف المكاسب الخسيسة وغيرها فإذا عرف هذه المراتب واطّلع عليها بالغ في حفظها.
ثم الاعتبار بكثير من السفهاء الذين أتلفوا أموالهم التي حصلت لهم بغتة بموت من تركها لهم بصرفها في الشهوات وقبائح الأفعال ومصاحبة الأداني وأهل التلهّي والأرذال الذين كانوا يدّعون الصداقة والمودّة معه في
__________________
١ ـ الإسراء : ٢٧.