إلى نقص في العقل أو الدين يكون من الرذائل ، فكذا الفقر ، ولذا ورد في ذمّه من الأخبار ما لاتحصى ، واستعيذ منه في الأدعية.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من ابتلي بالفقر فقد ابتلي بأربع خصال : الضعف في يقينه ، والنقص في عقله ، والرقّة في دينه ، وقلّة الحياء في وجهه ، فنعوذ بالله من الفقر » (١).
وأمّا عدم حبّ الدنيا فهو الزهد ، ولا دخل له بالفقر والغني لاجتماعه مع المال وعدمه ، وهو واضح.
إرشاد
ينبغي لمن قدّر له الفقر أن لا يكرهه ولا يجزع عليه ، فإنّ العالم بالأصلح قدّر له ذكل فلا يشكون الا إليه لو لم يمكنه الرضا بما آثره عليه وأن يتوكّل عليه تعالى ويثق في قدر ضرورته بما لديه قانعاً بالكفاف آيساً ممّا في أيدي الناس فلا يتملّق للأغنياء ويسمّيه تواضعاً ، فإنّ تواضع مثله لهم هو التكبّر عليهم من حيث أنهم أغنياء ، كما ورد في الأخبار ، ولايداهنهم في الخوض في الباطل طمعاً لما عندهم من الحطام العاجل ولا يقتر بسبب فقره عن العباة ، لما عرفت من كونه أسهل وصولاً معه إلى السعادة ، وأن يبذل قليلاً ممّا يزيد عن قوته ، فإنه أفضل من إنفاق الأغنياء كما ورد في الأخبار.
ثم إن علم أنّ ما يعطيه غيره من المال حرام وجب عليه الامتناع عنه ، وإن علم أنه شبهة أو حلال فيه منّة استحبّ له ردّه ، وإن علم أنه هدية محلّلة بغير منة استحب قبوله تأسّياً بالنبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، وإن كان من الصدقات مطلقاً نظر في استحقاقه لها ، وإن كان رياء وسمعة حرم عليه أخذه لأنه إعانة له على إثمه.
ثم بعد سلامته من هذه الآفات إن كان سالكاً الآخرة اقتصر على قدر الحاجة لكونه رفقاً من الله تعالى والزائد ابتلاء وفتنة واختيار
__________________
١ ـ جامع السعادات : ٢ / ٨١ ، جامع الأخبار : الفصل ٦٧ ، ص ١٢٨ ـ ١٢٩.