فمن أراد الاقتداء به واتباع منهاجه فليجتهد في المحافظة عليه مهما أمكنه.
فقد ورد في الخبر : « أن موسى عليهالسلام قال : يارب أرني بعض درجات محمد صلىاللهعليهوآله وأمته ، قال : يا موسى إنك لن تطيق على ذلك ، لكني أربك أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة [ فضلته ] عليك بها وعلى جميع خلقي ، فكشف له عن ملكوت السماء فنظر إلى منزلة كادت أن تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله تعالى فقال : يارب بماذا بلغت به إلى هذه الكرامة؟ فقال : بخلق اختصصته به من بينهم وهو الايثار ، ياموسى لايأتيني أحد منهم قد عمل بالايثار وقتاً من عمره إلا استحييت من محاسبته وبواته من جنتي حيث يشاء ». (١)
واعلم أن بذل الأموال المترتب على الجود والسخاء يتناول ما أوجبه الشارع كالخمس والزكاة والكفارات والنذورات والواجب من النفقات وما ندب إليه من تطوع الصدقات وأنواع الهدايا والضيافات والحق المعلوم والقرض ، وما يبذل لحفظ الحرمة ووقاية العرض والمنافع العامة ، وما يجري من الخيرات كالمساجد والمدارس وإجراء القنوات ونسخ المصاحف والكتب العلميات وغيرها مما فصل أحكامها في الفقهيات ، ووردت في فضلها الأخبار الكثيرة ، مضافاً إلى الآيات ، فلا نتعرض لها خوفاً من التطويل والاطناب ، وإنما نذكر قليلاً مما لها من الغايات والأسرار الدقيقة وبواطن الآداب ، فنقول :
من جملة غاياتها امتحان الموحدين لله ، المدعين لحبه ، المؤمنين بمواعيده في فراق محابهم التي يتمتعون منها ويتأنسون في عالم الحس بها والمدعين لمحبه رسوله وذريته الطاهرين وأداء حقوقهم في النصح والهداية ، ثم تطهير النفس عن رذيلة البخل التي هي من خبائث الملكات المهلكات كما
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ٨٠ ، وما بين المعقوقتين ساقط من « ج ».