فصل
من النفوس نفس نباتية وحيوانية وإنسانية ، وإن شئت أطلقت القوى عليها ، ولكل منها قوى متعدّدة ، كل منها مبدأ فعل خاص ، فقوى الأولى ثلاثة :
غاذية : يتم عملها بإعانة أرببع أخرى هي الجاذبة والماسكة والهاضمة والافعة.
ومنمية : يتم عملها بإعانة الغذية والمغيّرة.
ومولدة : يتم عملها بإعانتها والمصوّرة.
وللحيوانية قوتان :
قوّة على لإدراك بالآلات ، إمّا الظاهرة أي الباصرة والسامعة والذائقة والشامّة واللامسة ، أو الباطنة أعني الحسّ المشترك والخيال والوهم والحافظة والمتخيّلة.
وقوّة على التحريك الأرادي ، وهي إمّا باعثة وهي ما إذا ارتسم في الخيال أمر مطلوب الحصول حرّكت الفاعلة على الاتيان به ، فهى حينئذ قوّة شهويّة ، أو مطلوب الدفع و (١) حركاتها إليه ، فهي حينئذ قوّة غضبيّة ، أو فاعلة ، وهي تحرّك الآلات والعضلات الجسمانية بالقبض والبسط ، وجملة هذه القوى موجودة في جميع الحيوانات من الإنسان وغيره.
وأمّا النفس الانسانية فهي المختصّة بالانسان من بين الموجودات بها تميز عن غيره ، ولها قوّة النطق ، أعني إدراك الكلّيات بدون آلة جسمانية ، فإن توجّهت إلى معرفة حقائق الموجودات وقبول الفيض عن عالم المجرّدات سميّت عقلاً نظريّاً وقوّة نظريّة ، وإن تهيّأت لمزاولة الصناعات المؤدية غلى مصالح المعاش والمعاد والتأثير فيما تحت قدرته من القوى والآلات فهي عق ل عملي وقوّة عمليّة ، ولما كان تمييز النفس عن العقل بافتقارها إلى المادّة في
__________________
١ ـ كذا ، والظاهر زيادتها.