لا بأس به مخافة ما به بأس ». (١)
وذلك كالتورّع التحدّث بأحوال الناس خيفة أن ينجرّ إلى الغيبة ، والتورّع عن أكل لذائذ الأطعمة ولبس النفائس المكتسبة من الحلال المحض الذي لا شبهة فيه خوفاً من هيجان النشاط والبطر المؤدّي إلى مقارفة المحظورات.
ولعلّه هوالسرّ في منع بعضهم ولو على سبيل الكراهة عن تجصيص المسجد وتزيينه استناداً بنهي النبي صلىاللهعليهوآله عن تكحيل المسجد ، فقال صلىاللهعليهوآله : « بل عريش كعريش موسى » (٢) خوفاً من سريان اتباع الشهوات في المحباحات إلى مقارفة المحظورات ، فإنّ المباح والمحظور يشتهيان بشهوة واحدة ، وإلى هذه المراتب الثلاث أشير في الكتاب المجيد بقوله تعالى :
( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتّقوا وآمنوا وعملو الصالحات ثمّ اتّقوا وآمنوا ثمّ اتّقوا وأحسنوا والله يحبّ المحسنين ). (٣)
قال مولانا الصادق عليهالسلام : « التقوى على ثلاثة أوجه ، تقوى من خوف النار والعقاب وهو ترك الحرام ، وهو تقوى العام ، وتقوى من الله وهو ترك الشبهات فضلاً عن الحرام ، وهو تقوى الخاصّ ، وتقوى في الله وهو ترك الحلال فضلاً عن الشبهة ». (٤)
ورابعها : ورع الصدّيقين ، وهو الاعراض عمّا سوى الله خوفاً من صرف ساعة من العمر فيما لايفيد قرباً إليه تعالى ، وإن علم أنّه لا يفضي إلى حرام ، وهؤلاء يرون كل ما ليس لله حراماً امتثالاً لقوله تعالى :
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢١٣ مع اختلاف.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢١٥.
٣ ـ المائدة : ٩٣.
٤ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٥ نقلاً عن مصباح الشريعة (الباب ٨٢ خ التقوى) مع تقديم وتأخير.