على الله ، وظلم الولاة متعدّ يعمّ ويزداد ويسري ، ويقدر العموم والسراية يزيد الغضب والمقب من الله تعالى ، فيجب الاحتراز خوفاً من أن يشمله الغضب.
روى محمد بن مسلم قال : مرّ بي الصادق عليهالسلام وأنا جالس عند قاضي المدينة ، فدخلت عليه من الغد فقال : « ما مجلس رأيتك فيه أمس؟. قلت : جعلت فداك إنّ هذا القاضي لي مكرم ، فربما جلست إليه ، فقال لي : ما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعمّ من في المجلس؟ ». (١)
وفي الخبر : أنّ الله تعالى أوحى إلى يوشع بن نون : أنّي مهلك من قومك أربعين ألفاً من خيارهم وستّين ألفاً من شرارهم! فقال : ياربّ ما بال الأخيار؟ قال : إنهم لن يغضبوا لغضبي ، وكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم. (٢)
وفي النبوي صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله تعالى لعن علماء بني إسرائيل إذ خالصوا الظالمين في معائشهم ». (٣)
والأخبار كثيرة ، فالتورّع عن أكل أموالهم أمر مطلوب جداً ، محمود شرعاً وعقلاً.
وأمّا أخذهم عليهمالسلام فلا دخل له بالمقام ، لكونه حقّاً لهم ، والإذن لشيعتهم إمّا لعلمهم باحتياجهم وعدم تمكّنهم من الامتناع وإمّا تحليل لهم عليهمالسلام بقبوله عنهم من طرف حقّهم الذي لهم عليهم ، هذا مضافاً إلى ما عرفت من أنّ حكم الظاهر غير الورع ، ولذا جعلنا هذه المرتبة بعد تلك المرتبة ، وهذا واضح بحمد الله لا سترة ولاريب يعتريه.
وثالثها : ورع المتّقين ، وهو ترك الحلال المحض خوفاً من أدائه إلى الحرام ، كما ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله : « انه لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يدع ما
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٧٠ نقلاً عن التهذيب (٢ / ٦٩).
٢ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٧٠.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٧٠.