عنه إلى المنصوب بعده حرم أخذه ، وما استشكل عليه الأمر فيه فهو شبهة يحسن الاجتناب والورع عنه.
وأمّا عطايا الحكّام فهي وإن دلّ الإجماع والنصوص من طريق أهل البيت عليهمالسلام على جواز أخذها ولو علم أنّهم يظلمون بها الناس سواء كان أخذهم من الناس باسم الخراج والمقاسمة أو غير ذلك ، وسواء رضي المالك أم لم يرض ، وسواء كان العطايا على سبيل الهديّة ونحوها أو على سبيل المعاوضة الشرعيّة ، الا انّها مختصّة بسلاطين أهل الخلاف لورودها فيهم ، وبينهم وبين أهل الحقّ فرق لأنّهم يأخذون من المخالفين مع اعتقاد الاستحقاق وسلاطين الشيعة يأخذون من الشيعة مع اعتقادهم عدم الاستحقاق ، فلا مجال للمقايسة ، وليست العلّة للجواز هناك اختلاط الحلال بالحرام حتّى يجوز الأخذ مالم يعرف بعينه لأنّ القياس حرام الا مع النصّ بالعلّة ، وليس فليس. مع أنّ في الأخبار ما يدلّ على الجواز وإن عرف بعينه ، نعم لو لم يعرف بعينه جاز الأخذ هنا ، بناءاً على تلك القاعدة (١) ، لكن لاريب في الكراهة الشديدة وترتّب أثر الحرام الواقعي عليه لو كان حراماً ، وأيّ برهان أعظم من التجربة كما أشرنا إليه. هذا مع ما ورد من النهي الشديد عن مخاطتهم ومعاملتهم ونهاية احتراز علماء الآخرة من الصحابة والتابعين عن مجالستهم ، كما لايخفى على متتبّع الآثار ، بل كان مبالغتهم في الاحتراز عنهم بحيث لم ينقل عنهم مع الفسّاق والفجّار وأهل الأسواق وأرباب الحرف الخسيسة مع غلبة الفسق والفجور والكذب فيهم ، بل مع الكفّار أيضاً ، وإنّما كانت في خصوص الظلمة الآكلين أموال اليتامى والمساكين المواظبين على إيذاء المسلمين وطمس رسوم شرائع الدين ، والسرّ فيه أنّ الفسق لازم لايتعدّى ، وكذا الكفر وهما جنايتان على حقّ الله وحسابهما
__________________
١ ـ يعني بها ما مرّ (ص ٢٧٣) من شمول الأخبار المؤمنّه لأطواف العلم الإجمالي في المحصورات.