على الفرح من ابتلاء العدّو والحزن من وصول نعمة إليه.
أو التكبّر حيث إنّ بعض الطباع مجبولة على الترفّع على الناس ، وتوقّع الانقياد والتذلّل منهم ، فإذا نال أحد منهم نعمة خيف من عدم التحمّل لكبره والترفّع عن خدمته والانقياد له ، بل انعكاس الأمر كما يتّفق كثيراً ، وكان حسد قريش للنبي صلىاللهعليهوآله من هذا القبيل.
أو التعزّز ، وهو عدم التحمّل لترفّع الأقران ، وتكبّر النظراء عليه مع العلم بأنّهم لو أصابوا بعض النعم تكبّروا عليه واستصغروه.
أو التعجّب ، بحيث يرى النعمة أعظم ممّا يستحقّه صاحبها ، فيتعجّب عن فوزه بها ، ويحبّ زوالها عنه ، كما وقع للأمم السالفة مع أنبيائهم.
ومنها : ما يتركّب من الفسمين.
لكن الباعث الكلّي في جميع هذه الأقسام هو الجهل ، إذ العالم باستحالة اقتناء شخص واحد لجميع فوائد الدنيا لايطلبه ، والعالم بأنّ كلّ ما يحدث في العالم صادر عن الحكمة الأزليّة والارادة الذاتية التي يستحيل تخلّفه عنها والا لزم النقص أو الجهل عليه تعالى ، لايميل إلى خلافه. والعالم بأنّ زوال النعم الالهية مضافاً إلى كونه نقصاً وفقداً لكمال الافاضة في المحلّ اللائق بها شرّ لكونه عدماً ، وقد تحقّق في محلّه أنّ الاعدام شرور كما أنّ الموجودات خيرات يميل إلى الشرّ ويطمع حصوله من الخير المحض؟ والعالم بأنّ حصول المقاصد وفواتها ممّا يتعلّق بمشيئته تعالى بحيث إنّه القادر على مايشاء الفاعل لما يريد ، ولا مدخل لوصول النعمة إلى الغير وعدمه فيهما كيف يطلب زوالها منه أو عدم حصولها له؟ وكذا العالم بأنّه تعالى أعلم باستعداد الأشخاص للنعم وقابليّتهم ولولاه لما أثر بعضهم ببعضها دون بعض ، وفي حال دون حال مع كونه حكيماً كيف يستحقر غيره ويتعجّب عمّا أفيض عليه من النعم؟
وممّا ذكرنا ظهر أنّ الباعث على الحسد مركّب من رذائل القوّة العاقلة