العلم والنظر يحسده ويحبّ انصراف وجوه الناس عنه إليه.
والتكبّر على الأمثال والأقران حتّى إنّ أرباب هذه الخصلة الخبيثة يقاتلون على القرب من وسادة الصدر ، والتقدّم في الدخول من مضائق الطرق.
والحقد لمن يرجّح كلام خصمه أو يتوقّف فيه ، إذ لايمكن اتّفاق المستمعين على ترجيج كلامه ، ولو قلّل خصمه الاعتناء به والالتفات بكلامه الغرس في صدره من الحقد له ما لا ينقلع عنه مدّة عمره.
والغيبة حيث لاينفكّ عن حكاية قول الخصم وتزييفه إن اقتصر على الواقع (١) وإن تعدّى كان كذباً وبهتاناً.
وذمّ المصغى إلى كلام خصمه والمقبل عليه بنفسه ، ونسبته إلى الجهل والحمق وتزكية النفس ، حيث لاينفكّ عنها في أثناء المجادلة بأنّي لست ممّن يخفى عليه أمثال هذه وأنا المتفرّد وأنا كذا وكذا إمّا صلفا أو للحاجة إلى ترويج كلامه.
والتجسّس عن عيوب الأقران والخصوم حتى إنّ بعضهم إذا سمعوا بورود عالم إلى بلد تفحّصوا عن خفايا أحواله واستخراج مقابحه حتى يدّخروها لتفضيحه وتخجيله لو مسّت الحاجة إليه إمّا تعريضاً على سبيل التشبيب مع الحياء أو تصريحاً مع الوقاحة ، والفرح بمساءتهم والغمّ من مساءتهم كالتباغض بين الضرّات بحيث لو رأيى الخصم ارتعدت فرائصه وتغيّر لونه واضطرب فكره.
والنفاق لاضطرارهم إلى ملاقاة خصومهم ومحبيّهم وأشياعهم فلابدّ لهم من التودّد اللساني وإظهار الشوق.
__________________
١ ـ مجرّد حكاية قول الخصم وتزييفه إن اقتصر على الواقع ليس غيبة ولذا قيّده الشهيد الثاني رحمهالله بكون الحكاية في معرض التهجين والذّم والتوهين ، وكذا أبوحامد. فراجع منية المريد : ٣٢٦ والمحجة البيضاء : ١ / ١٠٤.