وفي النبوي صلىاللهعليهوآله : « إذا تعلّم الناس العلم وتركوا العمل ، وتحابّوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا بالأرحام لعنهم الله عند ذلك ، فأصمّهم وأعمى أبصارهم » (١)
والاستكبار عن الحقّ وكراهته ، والحرص على المماراة فيه حتّى إنّ أبغض شيء عنده ظهور الحقّ على لسان الخصم ، ولو ظهر تشمّر لجحده بأقصى جهده وبذل أنحاء الحيل في ردّه فيصير المراء طبيعيّاً بحيث لا يسمع كلاماً الا وينبعث من طبعه داعي الاعتراض عليه حتّى في أدلّة القرآن وألفاظ الشرع ، فيضرب بعضها ببعض.
والرياء ، وهو عمدة مقاصده لحبّه إطلاق ألسنة الناس بمدحه ، وصرف وجوههم إليه.
هذا حال الأكابر والعقلاء المعتبرين من أهل الخصومات والجدال والمراء ، ويتشعّب منها خصال اخر كالأنفة والغضب والبغضاء والطمع وحبّ المال والجاه للتمكّن من الغلبة والمباهاة والأشر وتملّق الحكّام والسلاطين للأخذ من حطامهم والاستعانة بهم على تزييف خصومهم والتجمّل بفاخر الثياب والمراكب والخوض فيما لايعني وكثرة الكلام وقسوة القلب والغفلة عن الله سبحانه.
وأمّا سفهاؤهم وأدانيهم فأكثر ما يؤول إليه أمرهم في المناظرة الضرّب والشتم والكلم وتمزيق الثياب والأخذ باللحى وسبّ الوالدين والأساتيد والقذف وغيرها من الفواحش الظاهرة.
فظهر أنّ الجدال والمراء والخصومة من أمّهات الخبائث ، ولذا ورد في ذمّهما ما ورد.
قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : « إيّاكم والمراء والخصومة ، فإنّهما يمرضان
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ١ / ١٠٥ ، وفيه : « في الأرحام ».