ظهر له إنّه مع عظمه غير خال عن الهوى في حضيض النقص عن ذروة الكمال ، قال : « لا أحبّ الآفلين » (١).
ومن أصغر تلك الحجب القلب لكونه من سنخ عالم الربوبية ونوراً من أنوار الحضرة الالهية يتجلّى فيه صور الأشياء بأسرها ، فيشرق إشراقاً عظيماً يظهر به عوالم الوجود على ماهي عليها ، وقد كان محجوباً عنه في الابتداء ، فلمّا أشرق نور الله الأسنى ورأى بعد الالتفات إليه جمالاً فائقاً أسنى أدهشه ذلك ، فربّما سبق إلى لسانه كلمة أنا الحقّ ، فإن لم يتّضح له بعد ذلك ماكان محجوباً عنه من الحجب الاخر كان فيه هلاكه ، مع أنّه كان مغترّاً بأصغرها.
وهذا محلّ الالتباس لأنّ المتجلّي ملتبس بما يتجلّى فيه كالمرآة الملتبس نورها بنور ماظهر فيها ، ولذا قيل :
رقّ الزجاج ورقّت الخمر |
|
فتشابها وتشاكل الأمر |
فكأنّما خمر ولا قدح |
|
وكأنّما قدح ولا خمر |
وبهذه العين نظرت النصارى في المسيح فرأوا إشراق نور الله متلألئاً فيه فغلطوا فيه كمن يرى كوكباً في المرآة فيظنّ أنّه فيها أو في الماء فيمدّ يده إليه وهو مغرور.
انتهى ملخّصاً (٢).
ومنهم الأغنياء وأصحاب الدول ، فمنهم من يحرص على بناء المساجد
__________________
١ ـ راجع سورة الأنعام : ٧٦ ـ ٧٨.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣. لا يخفى أن الصوفية ـ خذلهم الله ـ هم أصحاب البدع والتأويلات يحرّفون الكلم عن مواضعه ، يفسرون القرآن بالرأي ويؤوّلون الروايات حسب أهوائهم ويعتمدون على آرائهم وآراء أقطابهم الفاسدين ومرشديهم المبطلين في الدين فالتفصيل بين فرقهم والحكم بأنّ بعضهم مغترّون والسكوت بالنسبة إلى آخرين منهم لاوجه له.