من الشهوات والمعاصي من اضطراب النفس وميلها إلى فعلها ، وما يحصل عند إرادة فعل الطاعات الشاقّة كالحجّ والجهاد وغيرهما من الاضطراب والميل إلى الترك ، فإنّ كلّ طاعة مكروهة للنفس كما سنشير إليه ، وما يحصل عند عروض المصائب والنوائب من احتراق القلب واضطرابه المترتّب عليه بعض الأعمال الركيكة كشقّ الجيب ولطم الخد والتضجّر والتبرّم وغيره ويختصّ هذا القسم منه باسم الجزع فهو فرد منه.
ثم أنّ ترتبّه على صغر النفس يقتضي إدخاله تحت رذائل الغضبية وهو وإن كان كذلك مطلقاً لما ذكر الا أنّ بعض أفراده ممّا يمكن إدخالها تحت الشهويّة أيضاً لكون الباعث عليها ميل النفس إلى الشهوات وعدم ائتمار القوّة الشهويّة تحت حكم العاقلة وإن كان الباعث للميل المذكور كبر الدنيا على النفس كما أشير إليه فيما سبق ، فإنّ هذا الباعث يعمّ جميع الرذائل الشهوية ، فلو صار ذلك سبباً لعدّها في رذائل الغضبية خاصّة لزم أن يكون جميع الرذائل الشهوية منها ، ولا يكون لها نوع خاصّ بها ، وهذا غير عزيز في باب الفضائل والرذائل حيث تكون لفضيلة واحدة جهتان يعدّ كلّ منهما في كلّ منهما ، فالاضطراب المذكور من حيث كونه مترتّباً على ميل النفس إلى الشهوات يمكن عدّها من رذائل الشهوية ، بل هذه الحيثية أظهر لكونها أخصّ ، ولذا عدّ القوم الصبر المقابل للجزع في أنواع الشجاعة لاختصاصها بتلك الحيثية الاولى خاصة وهذا القسم من أنواع العفّة لكون الحيثية الثانية فيه أظهر فافهم ، فإنّ هذا المقام من مزالق الأقدام.
ثم إنّه يدلّ على قبح هذه الخصلة وذمّها العقل والنقل.
أمّا الأوّل فلأنّه كراهة لقضاء الله وحكمه والمقدّر كائن فلا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه.
وفي الحديث القدسي : « من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي