فليخرج من أرضي وسمائي [ وليطلب ربّاً سوائي ] ». (١)
ونقل أنّه مات ابن لبعض الأكابر فعزّاه مجوسي فقال : ينبغي للعاقل أن يفعل في يومه ما يفعل الجاهل بعد خمسة أيّام ، فقال : اكتبوا عنه.
وأمّا الاضطراب في مشقّة الطاعة فلأنّه يدلّ على جهله وقلّة إدراكه ، فإنّ أهل الدنيا يرتكبون أنواع المشاقّ والمتاعب ويوقعون أنفسهم في صنوف الأخطار والمهالك لأجل جزاء منقطع مشوب بأنواع الكدورات ، فمن عرف نسبة لذّات الآخرة الموعود بها لجزاء العبادات مع دوامها وشرافتها ، إلى لذّات الدنيا لما شقّ عليه العمل ، بل كان مثل المستسقي الذي يزيد عطشه ولايروي بشرب الماء ، ولو تفكّر في نعمائه المتواترة عليه في كلّ يوم ، بل في كلّ آن ، وعرف وجوب شكر المنعم عقلاً لما فرغ نفسه لشغل الا للعبادة والطاعة ، ولو حصل أدنى معرفة بالله وعظمته وصفاته وآياته حصلت له من المحبّة والانس ما عظمت به لذّة العبادة ، بحيث لم ير فوقها لذّة ، بل كان منتهى آماله وغاية مناه.
وأمّا الاضطراب في ترك المعصية فهو يدلّ على عدم تعديله لقوّتيه الشهوية والغضبية وعدم تحصيله العلم بغوائل النفس وجنود الشيطان وما يلحقها من البعد والبوار وعدم تذكّره لما ورد في ذمّ كلّ منهما من الأخبار والآثار وعدم تفطّنه لغوائله ومفاسده ، فلو حصل المعرفة المزبورة سهل عليه ترك الخصلة المذكورة المانعة له عن الاتّصاف بشرائف الصفات والاتّصاف بضدّه الصّبر الذي هو من أمّهات فضائل الملكات.
قال الله تعالى : ( وكايّن من نبيّ قاتل معه ربّيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحبّ الصابرين ). (٢)
__________________
١ ـ لم أجده بهذا اللفظ ، نعم يوجد نحوه في جامع الأخبار : ص ١٣٣. وما بين المعقوفتين في « ج » فقط.
٢ ـ آل عمران : ١٤٦.