بالأصوات ، والأيدي بالأجسام ، وكذا غيرها ، واللسان رحب الميدان ، وسيع الجولان ، ليس له مردّ ولا لمجاله منتهى ولا حدّ ، فله في الخير مجال رحب ، وفي الشر مجرى سحب ، فمن أطلق عذب اللسان وأهمله مطلق العنان سلك به الشيطان إلى أودية الخذلان ، وساقه إلى شفا جرف هار ، إلى أن يضطرّه إلى الهلاك والبوار ، ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« لاتكبّ الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم ». (١)
فلا منجى من شرّه الا أن يلجم بلجام الشرع ، فإنّ علم ما يحمد إطلاقه فيه ويذمّ غامض ، وهو أعصى الأعضاء على الانسان ، إذ لا تعب في تحريكه ، فلا يجوز التساهل في الاحتراز عن آفاته وغوائله ، والحذر عن مصائده وحبائله.
ولذا ورد الأخبار في ذمّه ، والأمر بالاجتناب والاحتراز عن غوائله كثير.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « من تكفّل لي ما بين لحييه ورجليه أتكفّل له بالجنّة ». (٢)
وقال صلىاللهعليهوآله : « من وقي شرّ قبقبه وذبذبه ولقلقه فقد وقي ». (٣)
وقيل له : ما النجاة؟ قال صلىاللهعليهوآله : « املك لسانك ». (٤)
وقال صلىاللهعليهوآله : « إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلّها تستكفي اللسان أي تقول : اتقّ الله فينا فإنّك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا ». (٥) وغير ذلك.
ومنه يظهر أنّ السكوت مع سهولته أحسن الأعمال وأنفعها للانسان ،
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ١١٥ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الصمت ، ح ١٤ ، وفيه : « وهل يكبّ الناس ».
٢ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٩٢.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٩٥.
٤ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٩٢ ، وفيه : « املك عليك لسانك ».
٥ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ١٩٣.