اجتناب الكبائر يكفّر عن الصغائر ، وكذلك الصلوات الخمس.
قال الله تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم وندخدكم مدخلاً كريماً ). (١)
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفّر ما بينهنّ إن اجتنب الكبائر » (٢) قيل : معنى الأولى أنّ من تمكن من الكبيرة كالجماع مثلاً وجاهد نفسه في تركه واكتفى بالصغيرة كالنظر مثلاً كان كفّه عن اجتناب الكبائر أشدّ تأثيراً في تنوير قلبه وتقرّبه إلى الله بسببه من تأثير الصغائر في إظلامه ، والا فإنّ اجتنابها عن عجز أو خوف أو فقد شهوة لايكفّر عن الصغائر. (٣)
ثم الكبيرة من مجملات الألفاظ ، إذ لا موضوع لها معيّناً لغة وعرفاً وشرعاً ، فإنّ الصغر والكبر إضافيان ، فما من ذنب الا وهو كبير بالنظر إلى مادونه وصغير بالنظر إلى مافوقه ، ولذا اختلفت الأقوال والأخبار في عددها اختلافاً فاحشاً لايرجى زواله.
قال بعض المحقّقين (٤) ما ملخّصة :
إنّا بعد ما تأمّلنا في أنّ الكبيرة ليست مكفّرة بالصلوات الخمس شاهدنا بنور البصيرة والاعتبار أن المعاصي تنقسم إلى مانعلم قطعاً أنه لاتكفّره ، وإلى ماينبغي أن تكفّره ، وإلى مايتوقّف فيه ، والثالث بعضه مظنون بالنفي والاثبات ، وبعضه مشكوك فيه شكّاً لايزيله الا نصّ كتاب أو سنّة ، وإذ لا مطمع فيهما فطلب رفع الشكّ فيه محال.
لايقال : إنّه إقامة برهان على استحالة معرفة حدّها فكيف يرد الشرع بما يستحيل معرفة حدوده؟
__________________
١ ـ النساء :٣١.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٣٠.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٤٠.
٤ ـ هو أبو حامد كما في المحجة البيضاء : ٧ / ٣٥ ـ ٤٠.