لأنّا نقول : إنّ كلّ ما لا يتعلّق به حكم في الدنيا يجوز أن يطرّق إليه الابهام ، لأنّ الدنيا دار التكليف والكبيرة من حيث إنّها كبيرة لا حكم لها فيها ، فإنّ موجبات الحدود معلومة بأساميها ، وإنّما كبيرة لا حكم لها فيهان فإنّ موجبات الحدود معلومة بأساميها ، وإنّما حكمها عدم تكفير الصلاة لها وهو أمر يتعلّق بالآخرة ، فالابهام أليق به حتّى يكون الناس منه على وجل ، فلا يجترؤا على المعاصي الصغائر اعتماداً على الصوات الخمس أو كون اجتناب الكبائر مكفّراً عن الصغائر.
أقول : فيه نظر ، فإن فعل الكبيرة قادح في العدالة على مذهبنا مطلقاً دون الصغيرة ، والعدالة أمر عامّ البلوى يتوقّف عليها كثير من الأحكام الشرعية كالشهادة والقضاء والفتوى والامامة وغيرها ، فكيف لايتعلّق بها حكم في الدنيا ، على أنّ التوبة واجبة بالاجماع والنصوص ، كما سيجيء إن شاء الله تعالى ، متصل وهي مقيّدة بالكبائر ، لأنّ اجتنابها يكفّر عن الصغائر بنصّ الكتاب ، فإذا لم تكن معلومة لزم تعليق التكليف بالمجمل وهو قبيح عقلاً.
نعم يمكن إن يقال : إنّ التكليف بالمجمل جائز مع إمكان الاتيان به ولو بمقدّمات يسهل تحصيلها بدون عس وحرج ، وله نظئر غير عزيزة فالمعاصي لاتخلو عمّا يعلم كونها كبيرة قطعاً أو يعلم كونها صغيرة كذلك ، أو يشكّ فيه والأوّلان لا إشكال فيهما ، والأخير يجب الاجتناب عنه ولو فرض صدوره عنه وجبت التوبة عنه من باب المقدّمة ، فمع علم الحاكم باجتنابه أو توبته عن القسمين على الوجه المعتبر ثبوته شرعاً يحكم بعدالته ومع شكّه أو علمه بعدمها يحكم بعدمها ، ولا أقلّ من الشكّ فيها الموجب لعدم إجراء ما يتوقّف عليها في حقّه ، فإنّ الشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط اللازم منه عدم ثبوته ، هذا حال الحاكم فيما يتعلّق به.
وأمّا ما يتعلّق به نفسه فهو أبصر بنفسه مع تمكّنه من التوبة عن المعاصي الصادرة عنه في نفس الأمر ممّا يعلمها العالم بخفايا الأمور ، وإن لم يعلم هو