تفاصيلها ، أو جزئياتها هذا مع أنّ التوبة إذا كانت مكفّرة للذنوب مطلقاً ، وواجبة على آحاد المكلفين عيناً فإمّا أن يتركها المكلّف ولايبالي بتركها أصلاً ، فهذا الترك منه حرام جزماً ، ولو سلم أنّه صغيرة ، فإنّ الاصرار على الصغائر كبيرة قطعاً ويلزم منه سقوط العدالة التي تتفرّع عليها الأحكام الشرعية ، وإمّا أن يواظب على القدر الممكن في حقّه منها بشرائطها الآتية فيرتفع آثار الكبائر عنه لو كان فاعلاً لها في نفس الأمر وثبت في حقّه العدالة ولا يبقى محذور أصلاً فتدّبر.
ثم اعلم أنّ الصغيرة تكبر بأسباب : أحدها الأصرار والمواظبة ، ولذا ورد « لا صغيرة مع الأصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار » ١ ـ وسرّه ، كما قيل أنّ قطرة من الماء لو وقعت على حجر لم تؤثّر فيه لقلّته ، ولو تعاقبت القطرات تدريجاً أثّرت فيه ، بل تأثيرها حينئذ أشدّ من تأثير الصبّ عليه دفعة واحدة. ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « خير الأعمال أدومها وإن قلّ ». (٢)
والسيّئة كالطاعة في التأثير في القلب ومعرفة الاصرار موكولة إلى العرف.
وفسّره الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : ( ولم يصرّوا على ما فعلوا ) (٣) « أنّه أن يذنب الذنب فلا يستغفر ولايحدّث نفسه بتوبة ، فذلك الاصرار ». (٤)
وثانيها : استصغار الذنب لصدوره عن الألف الموجب لشدّة الأثر في القلب المطلوب تنويره بالطاعات ، والمحذور تسويده بالسيّئات ، كما أنّ استعظامه يصدر عن نفور القلب وكراهيته له المانعة له عن شدّة التأثّر في ، ولذا عفي عن الغفلة.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لايصغر ما ينفع يوم القيامة ، ولا يصغر ما يضرّ
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٢٨٨ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الإصرار على الذنوب ، ح ١.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٥٨.
٣ ـ آل عمران : ١٣٥.
٤ ـ الكافي : ٢ / ٤٥٦ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب محاسبة العمل ، ح ١٤.