يوم القيامة ». (١)
وقال الكاظم عليهالسلام : « لاتستكثروا كثير الخير ولاتستقلّوا قليل الذنوب فإنّها تجتمع حتّى تكون كثيرة ».
والسرّ في عظم الذنوب في قلب المؤمن كونه عالماً بجلال الله وكبريائه ، فإذا نظر إلى عظم من عصاه رأى الصغير كبيراً ، وأوحى الله إلى بعض أنبيائه : « لاتنظر إلى قلّة الهدية وانظر إلى عظم مهديها ، ولاتنظر إلى صغر الخطيئة وانظر إلى كبرياء من واجهته بها ». (٢)
وثالثها : الغترار في فعلها والتهاون بها بستر الله عليه وحلمه عنه ظنّاً منه أنّه عناية منه تعالى به وهو أمن منه بمكر الله وجهل بأنّه يمهل مقتاً ليزداد إثماً.
ورابعها : السرور بفعلها وعدّها نعمة ، كما هو الشائع بين الناس ، فمنهم من يفتخر بما يفعله من المعاصي ويقول كيف رأيت صنعي ففلان ، غبّنته وروّجت عليه الزيف وأغلظت عليه في القول وخجّلته ، ومنهم من يحمد الله عليها فيقول : الحمد الله الذي غلبني على فلان حتّى مزّقت عرضه وفضحته بين الناس ونحو ذلك ، فكلّما غلبت حلاوة المعاصي في قلب العاصي عظم أثرها في تسويد قلبه ، وكان أشدّ ممن يندم عليها ، ويتحسرّ قلبه على فعلها ، ويتأسّف عليه لعلمه بظفر عدوّه الشيطان عليه ، بل يدلّ ذلك على غاية حمقه وجهله كالمريض الذي يفرح من انكسار إنائه الذي فيه دواؤه الذي يرجى منه شفاؤه.
وخامسها : التظاهر بذنوبه وذكرها للناس ، فإنّه هتك لستر الكريم الذي أسدله عليه ، وكفران لنعمة الذي هو إظهار الجميل وستر القبيح وتحريك لرغبة الناس في المعاصي فانضمّت خيانتان منه إلى خيانته ، وازداد
__________________
١ ـ راجع الكافي : ٢ / ٢٨٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب استصغار الذنب ، ح ٢.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٥٩.