أحدها : حقّ في مالك ، وأدناه تنزيله منزلة العبد والخادم فتعطيه من فضل مالك إن سنحت له حاجة بدون السؤال ، فإن أحوجته إليه كان تقصيراً في حقّه.
ثم تنزيله منزلة النفس فتشاركه فيه وتشاطره عليه بالسوية.
ثم إيثاره به مع حاجتك إليه ، وهو غاية درجات المتحابّين ، ومن تمامه الإيثار بالنفس أيضاً ، كما أنّ عليّاً عليهالسلام بات على فراش النبي صلىاللهعليهوآله وآثره بنفسه فمن لم يصادف نفسه في إحداها كانت مصاحبته ضعيفة لا وقع لها في الدين والعقل ، بل الأولى ليست مرضية عند ذويهما كما لايخفى على متصفّح الآثار ومتتبّع الأخبار وإنّما المرضي عندهم المشار إليه بقوله : ( وممّا رزقناهم ينفقون ) (١) ـ على ما قيل و ـ الاختلاط فيه بدون تمييز وهو المفضّل على الصدقات.
قال علي عليهالسلام : « لعشرون درهماً اعطيها أخي في الله أحبّ إليّ من مائة درهم أتصدّق بها على المساكين ». (٢)
والثاني : حقّ في نفسك بقضاء حوائجه ومهامّه قبل سؤاله وتقديمها على حوائجك وأدناه القيام بها عند السؤال والقدرة مع البشاشة والاستبشار والامتنان.
وبالجملة من تمام الاخوّة أن تكون حاجته كحاجتك أو أهمّ منها فلا تغفل عنه كما لاتغفل عن نفسك ، ونفسك ، وتغنيه عن السؤال فتقوم بحوائجه كأنّك لاتدري به (٣) حيث لاترى لك حقّاً فيه وتجتهد في الاكرام بالزيارة والإيثار وتقديم جانبه على الأقارب والأولاد ، بل التنفر بمسّرة ولذّة دونه وتستوحش من فراقه.
__________________
١ ـ البقرة : ٣.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٣٢٠ و ٢ / ٩٢.
٣ ـ أي لاتدري بقيامك بحوائجه فالضمير يرجع إلى المصدر المؤوّل المذكور قبله.