( والّذين إذا فعلوا حشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا ). (١)
وإمّا أن يستقيم عليها مدّة ثم ينقضها في بعض شهواته بقصد وصدق شهوة لعجزه عن قهرها مع المواظبة على الطاعات وتركه لجملة من السيّئات مع شهوته لها أيضاً بقهره لها والندم على ما فعله بعد الفراغ وتسويف نفسه بالتوبة والمجاهدة في تركها مرّة بعد أخرى ، نفسه مسولة.
( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً ). (٢)
وعاقبته مخطرة بالتسويف ، فربّما اختطفه الموت قبل التوبة ، فإن تداركه الله بفضله وجبر كسره وامتنّ عليه بالتوبة لحق بالسابقين ، وإن قهرته شهوته فغلبت عليه شقوته فيخشى عليه أن يحقّ عليه في الخاتمة ماسبق عليه القول في الأزل ، فإنّ ارتباط سعادات الآخرة وشقاوتها بالحسنات والسيّئات بحكم المقدّر الأزلي كارتباط المرض والصحّة بتناول الأدوية والأغذية ، فكون الذنب نقداً والتوبة نسية من علامات الخذلان كما أنّ التدافع من الأدوية والأغذية النافعة للمرض من علامات الممات ، فلا يصحّ لملك نعيم العقبى والقرب من جوار ربّ العلى الا القلب المزكّى ، كذا جرى الحكم في الأزل من خالق القضاء والقدر.
( ونفس وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها ). (٣)
وإمّا أن يستقيم مدّة ثم يعود من غير إحداث للنفس بالتوبة وأسف على الفعل ، بل ينهمك كالغافل في شهواته فهو من المصرّين ونفسه أمّارة ، وأمره في المشيّة ، فإن ختم له بالسوء شقي شقاوة الهالكين ، وإن مات على
__________________
١ ـ آل عمران : ١٣٣٥.
٢ ـ التوبة : ١٠٢.
٣ ـ الشمس : ٧ ـ ١٠.