وبمثله يعلج الصبر على ترك اللذّة التي يعتقدها في فعل المعصية ، فإنّه إذا لم يقدر على الصبر على هذه اللذّة الضعيفة في المدّة القليلة فكيف يقدر على ألم النار العظيم أبد الآباد.
واعلم أنّه ربما ينجرّ كثرة المعصية والاستخفاف بحدود الله إلى قساوة القلب وانظلامه بحيث يشكّ في التهديدات الواردة من الشرع الشريف والمواعيد المختلفة المنساقة إلى أهل التكليف وهو كفر في الاعتقاد يخلّد به في النار مع الكفّار ، نعوذ بالله من ذلك.
ويمكن علاجه بالتفكّر في أنّ ما قالوه وإن لم يجزم به فلا أقلّ من عدم الجزم بكذبه ، إذ لابرهان عقلياً على استحالته والعاقل يدفع الضرر المحتمل عن نفسه ، إذ لا ضرر يلحقه في الإطاعة ، ولعلّ ضرراً يلحقه في العصيان ، وهذا نظير مناظرة الصادق عليهالسلام مع ابن أبي العوجاء. (١)
قال أبو العلاء المعرّي :
قال المنجم والطبيب كلاهما |
|
لاتحشر الأموات قلت إليكما |
إن صحّ قولكما فلست بخاسر |
|
أو صحّ قولي فالخسار عليكما |
فصل
لمّا علم أصحاب القلوب أنّ الله تعالى لهم بالمرصاد ، حيث قال :
( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً ) (٢)
( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ). (٣)
( ووفّيت كلّ نفس ما كسبت ). (٤)
__________________
١ ـ الكافي : ١ / ٧٥ ، كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم ، ح ٢.
٢ ـ الأنبياء : ٤٧.
٣ ـ الكهف : ٤٩.
٤ ـ آل عمران : ٢٥.