أعطى وأثنى ». (١)
قيل : فيه إشارة إلى أنّ ثناءه على إعطائه ثناء على نفسه.
وقيل في قوله تعالى : ( يحبّهم ويحبّونه ) يحبّهم لأنّه لايحبّ الا نفسه ، فإن الصنع إذا أحب صنعه فقد أحب نفسه والوالد إذا أحب ولده فقد أحب نفسه ، وكل ما سوى الله فهو صنيعه فإن أحبّه فما أحبّ الا نفسه ، والتوحيد بهذا المعنى هو الذي يعبّر عنه ... بقناء النفس أي استغرق في جلال الله وصفات كبريائه فلا يرى في الكون الا وجوده وآثار وجوده من حيث إنّها آثار وجوده « ياكائناً قبل كلّ شيء ويا كائناً بعد كلّ شيء ، ويا مكّون كلّ شيء » (٢) وهذه المرتبة لايدركها أكثر الناس ، بل يخصّ بها الصدّيقون.
قيل : لمّا نزل قوله تعالى : ( واسجد واقترب ) (٣) قال النبي صلىاللهعليهوآله في سجوده : « أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ». (٤)
فأوّل مقاماته صلىاللهعليهوآله آخر مقامات الكمّل وهو التوحيد الفعلي أي مشاهدة الأفعال طرّاً من الله تعالى.
ثمّ ترقّى إلى التوحيد الوصفي أعني المعاني الكلّية للأفعال وهي الصفات ، ثم رآه نقصاً بالنظر إلى التوحيد الذاتي وهو مشاهدة الذات من غير ملاحظة صفة أو فعل ، ثم لاحظ كونه فارّاً منه إليه وهو مستلزم لإثبات نفسه وملاحظتها فوجده نقصاً لحقّه ، ففنى عنها فقال : « أنت كما أثنيت على نفسك » فانظر إلى ماوصل إليه في درجات القرب ، ولمّا كان كلّ درجة عنده
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٥٣ ونسبة فيه إلى رجل مسمّى بحبيب بن أبي حبيب لا إلى النبي صلىاللهعليهوآله . وكذا في الاحيا : ٤ / ٨٦.
٢ ـ بحار الأنوار : ٩٥ / ٢٢٥ ، باب الأدعية والأحراز لدفع كيد الأعداء ، ح ٢٣.
٣ ـ العلق : ١٩.
٤ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٥٥.