نفسه الناطقة القدسية أيضاً من الأخلاق الذميمة التي هي نجاسات باطنية بإخراجها وتزكية نفسه عنها وطمأنينتها بذلك وند ذلك يصلح للوقوف على بساط الخدمة ويتأهّ للقرب إلى حريم العزّ ، فكما يجتهد في إخراج النجاسات الظاهرة وتحصيل الاستراحة منها مع كونها قليلة فانية ، فعليه الجتهاد في إخراج النجاسات الكامنة الغئصة في الأعماق من ذمائم الملكات ومساوي الأخلاق وتحصيل استراحة نفسه أبداً منها.
قال الصادق عليهالسلام : « سمّ المستراح مستراحاً لاستراحة النفوس من أثقال النجاسات واستفراغ الأقذار الكثافات فيها ».
والمؤمن يعتبر عندها أنّالخالص من حطام الدنيا والمتخلّي عن شهواتها وأقذارها كذلك يصير في العاقبة فيستريح بالعدول عنها وبتركها ويفرغ نفسه وقلبه من شغلها.
« فينبغي أن يستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغئط والقذر ويتفكّر في نفسه المكرّمة في حال كيف تصير ذليلة في حال ... إلى آخره ». (١)
وأن يتفكّر في أنّ هذا الشيء الكريه الذي يفرح ويحرص في دفعه هو الذي كان يشتهيه ويحرص في طلبه ويستلذّ منه ، فما كان عاقبته كذلك فليحذر من أن يأخذه من غير حلّه فيعذب أبداً لأجله.
ولطهارة الحدث أنّ يستحضر عند اشتغاله بها ان الحكمة في تكليف الشارع بها أن لايدخل في عبادة الله سبحانه ولايشتغل بمناجاته الا مع تطهير أعضائه التي باشر بها الأمور الدنيوية وانهمكت في كدوراتها والتبست منها ظلمة خرجت بسببها عن أهليّة القيام بين يديه تعالى.
فإذا علم أنّ الباعث ذلك فليتنبه منه لأنّ مجرّد ذلك لايطهّرها عنها الا بعد انضمام تطهير القلب من العلاقة بها وعزمه على الرجوع إليه تعالى ،
__________________
١ ـ مصباح الشريعة : الباب ٩ في المبرز ، مع اختلاف كثير.