وحولك وقوتّك بحوله وقوتّه.
واعتبر من الوقت ميقاتاً وقتّه ربّك لتقوم فيه بخدمته وتنال الفوز بحضرته ، وأظهر على قلبك السرور ووجهك البهجة بدخوله لكونه سبباً لقربك وفوزك ، واستعدّ له بالطهارة والنظافة ، ولبس ما يصلح للمناجاة كما تتأهّب للقدوم على ملوك الدنيا ، وتلقّاه (١) بالسكينة والوقار والخوف والرجاء واستحضر عظمته وجلاله وكمال قدرته ونقصانك عن القابليّة للقيام بخدمته وقصورك عن أداء وظائف الطاعة.
وإذا أتيت بالطهارة في مكانك وهو الظرف الأبعد ، وثيابك وهو غلافك الأقرب ، وبشرتك وهي قشرك وهي قشرك الأدنى فلا تغفل عن ذاتك ولبّك ، أي نفسك وقلبك فطهّره بالتوبة والندم على مافرّط والعزم على الترك في المستقبل ، فإنّه موضع نظره ، وغذا سترتت مقابح بدنك عن أبصار الخلق فاستحضر قبائح باطنك التي لا يطّلع عليها الا ربّك وطالب نفسك بسترها ، فحيث أذعنت بأنهّ لايستتر عن الله شيء الا بتكفيره بالخوف والندامة والحيء انبعثت منها جنودها فتذّل وتستكين وتقوم بين يدي الملك الحقّ المبين كالعبد المسيء الآيق المسكين الذي ندم من تفريطه في جنب مولاه في فعله فجاءه خائفاً مستحيياً راجياً لعفوه وصفحه وفضله.
قال الصادق عليهالسلام : « أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى وأنعمه الإيمان ». قال الله تعالى : ( ولباس التقوى ذلك خير ). (٢)
وأمّا اللباس الظاهر فنعمة من الله يستر بها عورات بني آدم وهي كرامة أكرم الله بها عباده ذرّية آدم مالم يكرم بها غيرهم ـ إلى أن قال ـ : فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته وألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك ، وليكن باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر
__________________
١ ـ كذا ، والظاهر : تلقّه.
٢ ـ الأعراف : ٢٦.