ولذا ورد أنّه من أعظم الذنوب أن يحضر عرفات ويظن أنّه لا يغفر له.
وإذا أفاض من عرفات ودخل المشعر فليتذكّر عند دخوله فيه إذنه له في دخول حرمه بعد ما كان خارجاً منه ، لأنّ المشعر من جملته ، عرفات خارجة منه ، فليتفأّل من دخوله بعد خروجه قبول حجّه وقربه منه تعالى وأمنه من العذاب وصيرورته من أهل الجنّة.
فإذا ورد منى ورمى الجمار قصد الأمتثال والعبوديّة والتشبّه بالخليل عليهالسلام حين عرض له الشيطان لإفساد حجّه ، فأمره الله برمي الجمار إليه طرداً له ، وأنّه في الحقيقة رمي للشيطان وطرد له وإرغام لأنفه في امتثال الباري وعبوديّته.
فإذا ذبح الهدي أشار إلى أنّه بفعل الحج غلب على النفس والشيطان وقتلهما فاستحقّ به الرحمة والغفران ، كما ورد أنّه يعتق بكلّ جزء الهدي عضو منه من النار.
وليجتهد في أن يكون عمله بعد ذلك أحسن ممّا قبله حتّى يكون مصدّقاً لفعله وعلامة لقبول حجّة كما ورد في الخبر.
تتمّة
قال الصادق عليهالسلام : « إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك لله من كلّ شغل مشاغل وصحاب كلّ صاحب وفوّض أمورك كلّها إلى خلقك ، وتوكّل في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك وسلّم لقضائه وحكمه وقدره ، وودّع الدنيا والراحة والخلق ، واخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين ، ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقومك وثيابك ومالك مخافة أن يصير ذلك عدواً ووبالاً ، فإن من ادّعى رضا الله تعالى واعتمد على ماسواه صيّره عليه وبالاً وعدوّاً ، ليعلم أنّه ليس له قوّة وحيلة ، ولا لأحد الا بعصمة الله وتوفيقه.
فاستعدّ استعداد من لايرجو الرجوع ، وأحسن الصحبة ، وراع أوقات