أمسه فهو ملعون ». (١)
ولذا قال صلىاللهعليهوآله : « وإنّه ليغان على قلبي حتّى استغفر الله في كلّ يوم سبعين مرّة ».
فكان استغفار من المقام الأوّل بعد وصوله إلى المقام الثاني.
ثمّ خوف ما لايدرك بعد فوته ، ثم التسلية بلطف جديد يعرضه فيتكيء عليه فيقف أو يرجع والسلوّ يدخل عليه من حيث لايشعر كما يدخل الحبّ كذلك ، فإنّ لهذه التقلبات في القلب أسباب خفيّة سماوية ليس في قوّة البشر الاطّلاع عليها ، وإذا أراد الله المكر والاستدراج أخفى عنه ما ورد عليه من التسلية فيقف مع الرجاء أو يغترّ بحسن الظنّ أو تغلبه الغفلة والنسيان ، وكلّ ذلك من جنود الشيطان التي تغلب جنود الملائكة من العقل والعلم والذكر والبيان.
ثم خوف الاستبدال به من حبّه إلى حبّ غيره. وعلامته الانقباض عن دوام الذكر وملالته عن وظائف الأوراد وملازمة الخوف عن هذه الأمور والحذر منها بصفاء المراقبة دليل على صدق الحبّ ، فإنّ من أحبّ شيئاً خاف فقده إذا كان المحبوب ممّن يمكن فواته.
ولذا قال بعض العرفاء : من عبدالله بمحض المحبّة من غير خوف هلك بالبسط والإدلال ، ومن عبده من طريق الخوف دون المحبّة انقطع عنه بالبعد والاستيحاش ومن عبده بهما أحبّه الله فقرّبه ومكّنه وعلّمه ، فالمحبّ لايخلو عن الخوف والخائف لايخلو عن الحبّ ، وكان شوب الخوف يسكن قليلاً من سكر الحب ، فلو غلب الحبّ واستولت المعرفة لم يثبت لها طاقة البشر فالخوف يعدله ويخفّف وقعه على القلب.
فقد روي أن بعض الصديقين ساله بعض الأبدال أن يسأل الله أن
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٧٥.
٢ ـ المحجّة البيضاء : ٧ / ١٧.