شيء : ما سبب حالك في هذه المحبّة قال : سمعت يوماً محبّاً يقول لمحبوبه : أحبّك والله بقلبي كلّه وتعرض عنّي بوجهك كله ، فقال المحبوب : إن كنت صادقاً فماذا تنفق عليّ؟ فقال : أملكك ما أملك ثم أنفق روحي حتّى أهلك ، فقلت : هذا خلق بخلق وعبد بعبد فكيف عبد بمعبود؟
أقول : بل هذا حال محبّ بمن لا يحبّه فكيف بمحبّ مع من هو أحبّ إليه منه.
ومنها : أن يكون مشفقاً على جميع عباد الله رحيماً عليهم شديداً على عداوة أعداء الله ، أشدّاء على الكفّار رحماء فيما بينهم ، لاتأخذه في الله لومة لائم.
ومنها : أن يكون في حبّه خائفاً متضائلاً تحت الهيبة والتعظيم ، ومن ظنّ أن الحبّ ينافي الخوف فقد أخطأ ، بل إدراك العظمة تورث الهيبة كما أنّ إدراك الجمال يورث الحبّ ، ومخاوف المحبّين في مقام المحبّة أشدّ وأعظم من غيرها ، وبعض منها أشدّ من بعض آخر.
فأوّلها : خوف الإعراض ، وأشدّ منه خوف الحجاب ، ثم خوف الإبعاد ، وإنما يعظم هيبة البعد وخوفه في قلب من وصل إلى القرب وألف به.
آتش قرب ز بعد افزون است |
|
جگر از محنت قربم خون است |
نيست در بعد جز اميد وصال |
|
هست در قرب بسي بيم زوال |
فالوزير الأعظم أشدّ خوفاً وهيبة من السلطان ممّن هو من عرض العسكر ومضطرب دائماً من أن يصدر عنه ما يزيله عن تقرّبه ويبعده عن حضرة الملك.
ثم خوف الوقوف وسلب المزيد ، فإنّ درجات القرب غير متناهية كما أشرنا إليه ، وحقّ السالك أن يجتهد في كلّ نفس حتى يزداد قرباً.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « من ساوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان يومه شرّاً من