رسول الله صلىاللهعليهوآله مراراً لعنه رجل مرّة وقال : ما أكثر ما يؤتى به رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : لاتلعنه فإنّه يحبّ الله ورسوله (١) ، فتأمّل.
ومنها : استهتاره بذكر الله تعالى بلا فتور في اللسان وفراغ القلب عنه فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره لامحالة.
فعلامة حبّ الله الإكثار من ذكره وقراءة كلامه وحبّ رسوله وكلّ ما ينسب إليه ، فإنّ المحبّة إذا قويت تعدّت عنه إلى من ينتسب إليه ويتعلّق به وليس ذلك شركة في المحبّ لأنّه حبّ عرضيّ من حيث إنّه منتسب إليه فإنّه المقصود من الحبّ خاصّة في الحقيقة ، وهذا دليل على كمال حبّه له ، بل من غلب حبّه تعالى على قلبه أحبّ جميع خلقه ، لأنّهم صنيعه [ فكيف بخواصّهم الذين محبّتهم له محبّة خاصّة وبالعكس ]. (٢)
ولذا قال تعالى : ( إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ). (٣)
ومنها : استيناسه بالخلوة والمناجاة والعبادة ، سيّما في هدوء الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق ، فأوّل مراتب الحبّ التلذّذ بالخلوة بالحبيب والتنعّم بمناجاته والاستيحاش من كلّ ما ينغّصها ويعوق عن لذّتها.
ومنها : أن لايتأسّف على فوت شيء من الدنيا ويعظم أسفه على فوت ساعة خلت عن ذكر الله وطاعته فيكثر بعد التذكّر من الاستغفار والتوبة وأن يتنعّم بالطاعة ولايثقلها ويسقط عنه تعبها.
قال بعض الأكابر : علامة المحبّة دوام النشاط والدؤوب على العبادة بشهوة ، يفتر بدنه ولا يفتر قلبه وكيف يستثقل العاشق السعي في هوى معشوقه ولا يستلذّ من خدمته الشاقّة على بدنه.
قيل لبعض المحبّين وقد بذل ماله ونفسه في سبيل الله حتّى لم يبق معه
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٧٠.
٢ ـ مابين المعقوفتين في « ج » فقط.
٣ ـ آل عمران : ٣١.