وهذا هو السرّ في طعن جملة من علماء الرجال وقدماء الأصحاب في جملة من وراة أسرار أخبار الأئمّة الأطهار كمحمّد بن سنان والجعفي والمفضّل بن عمر والمعلى بن خنيس وأضرابهم ، فإنّهم كانوا يحتملون ما لايحتمله غيرهم كما صرّح به المفيد في إرشاده والسيد الأجل ابن طاووس. (١)
قال السيّد (ره) : إنّ بعض أجلّاء الشيعة الذين رووا أسرار الأئمة عليهمالسلام كان جلالة قدرهم وعلوّ مرتبتهم سبباً لانحطاطها عند أصحابنا حتى نسبوهم إلى ما لايليق بجنابهم وعدّ منهم محمد بن سنان مع أنّ حديثه في الضعف عند أصحابنا أشهر من أن يذكر.
ولمّا كان قصور قوالبهم وضعف طاقتهم عن تحمّلها يفضي إلى الافشاء احياناً من غير اختيار ، فربّما رخصّوا لهم الجنون والخروج عن زيّ العقلاء ، وربّما منعوهم فلم ينتهوا وعصوا فخرج لعنهم من الأئمة عليهمالسلام إمّا لمخافتهم وعصيانهم أولئلّاً يفتتن بهم الناس ويفشى سرّهم ويذيع بواطن الأمور عند من لايليق به ، وهذا أحد أسباب لعنهم ، وربما افتتنوا ففهموا الزائد على ما أشرنا إليه فكفروا واقعاً ، ولذلك لعنوا فإذا لم يكن لخواصّ الشيعة الواصلين إلى المراتب العليا ببركات أنفاس أولئك الأقطاب قوّة تحمّل قليل من كثير ممّا هم عليهمالسلام فيه فكيف يطيق أحد يمكن أن يدعي الطاقة في الوصول إلى المرتبة معرفة الله سبحانه وحبّه ويتظاهر به.
نعم قد يكون للمحبّ سكرة في حبّه حتى يدهش ويضطرب أحواله
__________________
١ ـ لم يصرّح المفيد رحمهالله بأن محمد بن سنان كان يحتمل مالا يحتمل غيره ، نعم صرّح في إرشاده (ج٢ / ٢٤٨) بكونه من خاصّة الكاظم عليهالسلام مع أنّه ضعّفه في الرسالة العدديّة (ص ٢٠ طبع المؤتمر) وقال : وهو (أي محمّد بن سنان) مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه.
وكذا لم يصرّح السيّد بما قاله المصنّف (ره) بل صرّح بجلالته وعلوّ شأنه ورئاسته ولقائه ثلاثة من الأئمّة : ومعجزة لأبي جعفر الثاني بالنسبة إليه فراجع فلاح السائل : ١٣.