الخوف والاضطراب والألم والعذاب وتعب الخاطر في محافظتها أعظم من تعبه في تحصيلها.
وبالجملة فالمتاعب المتحمّلة لتحصيل اللذّات الدنيوية والأخطار المرتكبة لاقتناء المشتهيات الجسميّة والمكاره المعدّة لمحافظة تلك الاعتبارات العرضيّة مع كثرتها وشدّتها وزوال لذّة غايتها ، بل كونها في حال كونها لذّات مستلزمة لمتاعب موفورة وآلم غير محصورة ، بل كلّما ازداد إليها شوقا وطلباً اززداد خوفاً وتعباً ، وكلما ازداد منها كثرة وسعة اززداد كرهاً ومشقّة ، كما ترى من حال الوزراء والأمراء والسلاطين والحكّام من كونهم في معرض الآفات العظيمة والمكاره الشديدة ، والمخاوف الصعبة التي يطول بشرحها الكلام ويفوت بذكرها زمام المرام ، فإذا كان طلب الدنيا مع صعوبة مسالكها وضيق مداركها وشدّة متاعبها وعظم نوائبها لايبالي عن التعرّيض لآلامها والتحمّل لأوجاعها وأسقامها ، ولايشبع من حطامها ، ولا يرفع اليد عن زمامها ، فطالب الفضائل النفسيّة أولى بذلك مع علمه بما هنالك من النعيم الدائم الأبدي ولالتذاذ الذاتي السرمدي ، كما قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام :
رضينا قسمة الجبّار فينا |
|
لنا علم وللأعداء مال |
فإنّ المال يفنى عن قريب |
|
وإنّ لعلم ليس له زوال |
فإذا كان مؤيّداً بحصولها له فأولى بحفظها وتبقيتها وتوفيرها وتقويتها والحرص في تثميرها والشوق في تكثيرها فلابدّ له من تصوّر هذا المعنى دائماً حتّى يصير باعثاً كلّياً له على حفظ أسبابها والتجنّب عن موجبات زوالها وذهابها.
فصل
كما أنّ المزاج المعتدل يجب حفظ اعتدله باستعمال مايلائمه من
__________________
١ ـ ديوان امير المؤمنين عليهالسلام ، ص ٤٤٢.