بالقصد من الأعمال دون ما خلا عنها ، ولا نزاع فيه.
وكون المقتول في النار معلّلاً بالإرادة انّما هو لأجل صدور فعل الجوارح عنه من الالتقاء بالسيف مع نيّة القتل ، وهذا ممّا لاشكّ في ترتّب العقاب عليه.
ومن قبيله وطي امرأته ظانّاً كونها أجنبيّة وما أشبهه.
والمؤاخذة على الملكات في ظاهر الشريعة إنّما هي على آثارها ومسبّباتها من قبائح الأفعال وذمائم الأعمال ، فهي من فبيل ذكر السبب وإرادة المسبّب ، ويشهد له الحديث النبويّ المتقدّم وغيره ، مع لزوم العسر والحرج لولاها ، لأنّ إزالة الملكات دفعة ممتنعة ، بل تحتاج إلى رياضة تامّة ومجاهدة ، وطول مدّة ، سيّما ما كانت منها طبيعيّة ، ولعلّ أكثر النفوس تعجز عن إزالتها مع تقيّدها بالعلائق الدنيويّة.
ولايمكن أن يدّعى أنّ كافة الخلق مكلّفون بطريق الوجوب العيني بقطعها ، إذ يختلّ به نظام العالم ، وما يحتاجون إليه في التمدّن والتعيّش مع أنّه يلزم أن يكون صاحب تلك الملكة قبل إزالتها حين ما يقهر نفسه على خلاف آثارها بعد معذّباً لبقاء تلك الملكة فيها مع أنّه بديهيّ البطلان ، بل ربّما كان ثوابه أعظم ممّن له ما يقابل تلك الملكة المذكورة من الفضائل ، أيضاً فإنّها إن كانت طبيعيّة لم يكن للمؤاخذة عليها وجه ، وإن كانت عادية من مزاولة الأعمال الخبيثة ، فالعقاب مترتّب على تلك الأعمال دونها ، وأيضاً ، فإنّ المؤاخذة من كافة الخلق على الملكات الراسخة التي بلغت صعوبة إزالتها حدّاً توهّم قوم كونها طبيعيّة بأسرها وملأ أطبّاء النفوس كتبهم بأنواع تقريراتها وأنحاء عباراتها من بيان صعوبة إزالتها وشدّة ضيق مسلكها وغموض مدركها وامتناع النفوس عنها ، وبيان أنواع معالجاتها. ووجوه الترغيبات والتأكيدات في شأنها ، ينافي كون الملّة النبويّة سمحة سهلة. فإذا كان مبنى الأحكام الشرعيّة في أعمال الجوارح على التسامح والتساهل