أقول :
لمّا فرغ من بيان تعريف الحركة والزمان وبيان وجودهما شرع في ذكر بعض أحكام الحركة من التضادّ ، والوحدة ، والتغاير ، وقبل ذلك نقول : الشيئان إمّا أن يكونا متماثلين أو مختلفين ؛ فالمتماثلان هما اللذان يسدّ كلّ واحد منهما مسدّ صاحبه. والمختلفان إمّا أن يكونا ضدّين أو غير ضدّين ؛ فالضدّان هما اللذان يستحيل اجتماعهما ويكون بينهما غاية التباعد ويكونان (١) وجوديين. ومنهم من لا يشترط غاية التباعد في الضدّية (٢).
وينبغي أن تعلم أنّ الحركة تستدعي امورا ستّة لا توجد بدونها :
الأوّل : المتحرّك ووجه احتياجها إليه من حيث عرضيتها ووجوب احتياج العرض إلى الموضوع.
الثاني : المحرّك وإنّما احتاجت إليه لأنّها محدثة ، وقد بيّنّا أنّه لا يجوز أن يستند إلى ذات المتحرّك أعني الجسم ، فلا بدّ من شيء آخر يوجب الحركة وهي (٣) قد تكون طبيعيّة وقد تكون قوّة قسريّة ، وقد تكون إرادة واختيارا.
الثالث : ما فيه الحركة ونعني به (٤) هاهنا ما يتوجّه فيه الجوهر من نوع مقولة إلى نوع آخر ومن صنف إلى صنف ، وهي لا تجوز إلّا في أربع مقولات : الكمّ كالكبير يصغر ، والصغير يكبر إمّا بالنموّ والذبول أو بالتخلخل والتكاثف ، والكيف كالتحرّك
__________________
(١) في «ج» «ف» : (فيكونان).
(٢) في «ف» : (الضدّين).
(٣) في «ب» «ج» «د» «س» «ف» : (وهو).
(٤) في «أ» «ب» «س» «د» : (بها).