بأعراضه ولوازمه فلا بدّ من شيء ينتقل عنه. وأيضا فالتعاقب (١) دال على وجوده فإنّا نبصر الجسم في مكان ثمّ ينتقل عنه ، ويعقبه آخر حيث كان.
وأمّا ما احتجّوا به فوجه بطلانه أن نقول : لم لا يجوز أن يكون المكان هو البعد ، وهو أمر تقديريّ على رأى قوم ، وجوهر غير مادّيّ على رأي آخرين ، ونمنع استحالة حلول الجسم في المفارق.
سلّمنا فلم لا يجوز أن يكون المكان عرضا ولا استبعاد في احتياج الجسم إلى عرض قائم بجسم آخر فلا يدور (٢) الاحتياج.
إذا عرفت هذا فنقول : قال قوم : إنّ المكان عبارة (٣) عن الفراغ المتوهّم الذي تشغله الأجسام بالحصول فيه ، وهو مذهب المتكلّمين (٤) ، ويقرب من (٥) مذهب هؤلاء مذهب جماعة من الحكماء كأفلاطون وغيره من القدماء بأنّ المكان عبارة عن البعد المفطور (٦) ، ولهم خلاف في أنّ ذلك البعد هل يجوز خلوّه أم لا؟ وسيأتي البحث فيه.
وقال آخرون من الحكماء كأرسطو ومن تابعه : إنّ المكان هو السطح الباطن من
__________________
(١) في «ف» : (فالمتعاقب).
(٢) في «ف» : (بدّورد).
(٣) (عبارة) لم ترد في «ف».
(٤) في «ب» : (المتكلّم) ، وانظر النافع يوم الحشر للمصنّف : ٣٢ ، ونخبة اللآلئ لمحمّد بن سليمان الحلبي : ١٨.
(٥) (من) ليست في «ف».
(٦) حكاه عن أفلاطون المصنف في شرح التجريد (الزنجاني) : ١٥٦ ، وفي طبعة الآملي : ٢٣٢ ، وقد التزم بذلك أيضا الشيخ المفيد في النكت الاعتقاديّة : ١٧.