الجسم الحاوي المماس للسطح (١) الظاهر من الجسم المحوي (٢) ، فإذن المذاهب المشهورة إمّا البعد وإمّا السطح فلنذكر بعض حجج الفريقين.
أمّا من قال : إنّ المكان هو البعد فقد احتجّ عليه بوجوه :
أحدها : إنّ المكان مساو للمتمكّن والمساوي هو البعد لا السطح.
الثاني : إنّ الناس يصفون المكان بالخلوّ والامتلاء ، ولا يصفون السطح بذلك.
الثالث : إنّ المكان لو كان سطحا لزم حركة الساكن كالحجر الواقف في الماء ، والطير الساكن في الهواء ، وسكون المتحرّك كالشمس.
ولقائل أن يقول : على الأوّل إن عنيتم بالمساواة المساواة المقداريّة فهو ممنوع ، وإن عنيتم (٣) بها المساواة في النهايات فهو مسلّم ، وهو ثابت على تقدير السطح.
وعلى الثاني إنّ الناس لا يصفون البعد بالخلوّ والامتلاء ، نعم يصفون بهما الجسم المحيط ، ونسبة السطح المحيط إليه أقرب من نسبة البعد إليه حتّى أنّهم لو توهّموا السطح محيطا بالجسم من غير جسم لوصفوه بذلك ، وإن لم يخطر ببالهم البعد.
وعلى الثالث أنّ الحركة إن عنيتم بها ما تكون مبدأ المفارقة فيه من المتحرّك فليس الحجر والطير بمتحرّكين ولا ساكنين (٤) ، ولا استبعاد في سلبهما عن الجسم. وإن عنيتم بها التبدّل في السطوح فهما متحرّكان. وإن عنيتم بها تبدّل النسب بالقياس إلى الامور الثابتة فهما ساكنان ، وأمّا الشمس فإنّها متحرّكة بالعرض لا في
__________________
(١) في «ب» : (للجسم).
(٢) حكاه عن أرسطو وأبي عليّ بن سينا المصنّف في الأسرار الخفيّة : ٢٤٩ وشرح التجريد (الزنجاني) : ١٥٦ ، وفي طبعة الآملي : ٢٣٢.
(٣) قوله : (بالمساواة) إلى هنا لم يرد في «د».
(٤) في «ب» : (بساكنين).