وإلّا لأمكن أن يخلق العلم بقدرة زيد المعلوم وجوده اكتسابا ثمّ نشكّ في وجوده مع العلم الضروريّ بقدرته.
أقول :
هذا مذهب رابع ، وهو من المذاهب الباطلة ، ذهب إليه أبو القاسم البلخي وهو : أنّه تعالى غير قادر على أن يخلق فينا علما ضروريّا يتعلّق بما علمناه مكتسبا.
واحتجّ عليه بأنّه لو قدر على أن يخلق فينا علما كذلك لأمكن أن يخلق فينا علما ضروريّا بقدرة زيد المعلوم وجوده بالاكتساب ، والتالي باطل فالمقدّم مثله (١).
وبيان الشرطيّة ظاهر ، فإنّ العلم بالقدرة أحد العلوم المكتسبة.
وبيان بطلان التالي : أنّه لو صحّ ذلك لجاز وقوع الشكّ في الضروريّات ، لأنّه يجوز الشكّ في النظريّات ، فإذا شككنا في وجود زيد الكسبي فإمّا أن نشكّك حينئذ في قدرته أو لا ، والتالي باطل ، وإلّا لكان العلم حاصلا بأنّ زيدا قادر مع الشكّ في وجوده وهو سفسطة ، والأوّل يلزم منه وقوع الشكّ في الضروريّات ، فإذن لا يمكن أن يخلق (٢) العلم الضروري بالصفة مع علمنا بالذات اكتسابا.
وأيضا لو أمكن أن يخلق فينا علما ضروريا يتعلّق بما علمناه مكتسبا لأمكن أن نعلم بالاكتساب ما هو الآن معلوم لنا بالاضطرار ، فيلزم تجويز أن يكون علمنا بأنفسنا ولذّاتنا وآلامنا مكتسبا ، وعلمنا بالشرائع والنبوّات ضروريّا وذلك محال.
__________________
الخيّاط ، وأحد المعتزلة البغداديين ، كان أصله من بلخ وقد عاش ببغداد ثمّ عاد إلى بلخ ، وله آراء منفردة ، وأتباعه معروفة بالكعبيّة ، توفي سنة ٣١٩ هجريّة ، ويعدّ من الطبقة الثامنة من طبقات المعتزلة (المنية والأمل : ١١ ، طبقات المعتزلة : ٨٨ ، الفرق بين الفرق : ١٠٨).
(١) حكاه المصنّف في أنوار الملكوت : ٩١.
(٢) في «أ» «ج» «ف» زيادة : (لنا).