الأوّل : إنّه تعالى حيّ ، والحيّ يصحّ أن يعلم (١) كلّ معلوم ، فالله تعالى يصحّ أن يعلم كلّ معلوم (٢) ، والمقتضي لهذه الصحّة هي ذاته لاستحالة انفعاله عن الغير ولاستحالة التسلسل ونسبة ذاته إلى جميع المعلومات على السويّة ، فيجب منه (٣) أن يعلم كلّ معلوم وإلّا لزم إمّا عدم علمه بشيء من المعلومات ، وهو باطل لما بيّنّا (٤) من كونه تعالى عالما ، وإمّا (٥) الترجيح من غير مرجّح ، وهو محال.
لا يقال : إن حملت صحّة العلم بكلّ معلوم على الحيّ حمل الحديّة منعنا كونه تعالى حيّا بهذا المعنى ، فإنّ النزاع إنّما وقع فيه ، وإن حملته حمل الخبريّة منعنا صدقه ، فإنّ الحيّ هو الذي يصحّ أن يعلم في الجملة ، ولا يلزم من ذلك صحّة أن يعلم كلّ معلوم ، كما أنّنا عالمون في الجملة وإن لم يصحّ منّا العلم بكلّ معلوم.
وإن سلّمنا أنّ (٦) ذاته من حيث القبول متساوية النسب (٧) إلى جميع المعلومات لكن لا نسلّم تساوي نسبتها من حيث التأثير في صحّة العلم بكلّ معلوم ، ولا يلزم من حصول قبول العلم إلى الماهيّة (٨) بكلّ معلوم وجوب العلم بكلّ معلوم (٩).
لأنّا نقول : إنّا نعلم بالضرورة أنّه إذا صحّ نسبة العلم إلى الماهيّة ببعض
__________________
(١) (يعلم) لم ترد في «ف».
(٢) قوله : (فالله تعالى) إلى هنا لم يرد في «س».
(٣) (منه) لم ترد في «ج» «س».
(٤) في «ج» «ف» : (بيّنّاه).
(٥) (إمّا) لم ترد في «ف».
(٦) (أنّ) لم ترد في «ف».
(٧) في «ف» : (النسبة).
(٨) (إلى الماهيّة) ليست في «د».
(٩) قوله : (ولا يلزم من) إلى هنا لم يرد في «س».