وإنّه (١) متى صحّ وجود الفعل في وقت فإنّه يصحّ وجوده في كلّ الأوقات وإلّا لزم انقلاب الحقائق ، وهو انتقال الشيء من الإمكان إلى الامتناع.
وأمّا الجواب عن الترجيح بلا مرجّح فأن نقول : هذا باطل بالضرورة ، ولا شيء أجلى من قولنا : المتساوي لا يترجّح بذاته فيفتقر في الترجيح إلى المرجّح (٢) ومن جوّز (٣) الترجيح من غير (٤) مرجّح للقادر انسدّ عليه باب الإرادة ، وأمّا إسناد المرجّح إلى القدرة فبطلانه ظاهر.
وأمّا الجواب عن العلم فعند أبي الحسين أنّ العلم بالمصلحة هو الإرادة في حقّه تعالى (٥) ، وأمّا من جعل الإرادة أمرا زائدا على العلم ، فلا بدّ له من تكلّف الجواب وهو من وجوه :
أحدها : أنّه (٦) يجوز أن يكون الفعل والترك كلّ (٧) واحد منهما قد اشتمل على نوع من المصلحة ، فلو كفى العلم بالمصلحة في الإيجاد لزم اجتماع الوجود والعدم.
الثاني : أنّ المصلحة إمّا أن تكون لازمة للفعل أو لا تكون ؛ فإن كانت لازمة كان تخصيص إيجاد الفعل في وقت دون وقت مع كون المصلحة يمكن حصولها في كلّ
__________________
(١) في «ب» «ج» : (فإنّه).
(٢) في «ج» «ف» : (مرجّح).
(٣) في «أ» «ف» : (جواز).
(٤) في «ج» «ر» «ف» : (بغير).
(٥) في «ب» «د» «ر» «ف» : (في حقّه هو الإرادة) بدل من : (هو الإرادة في حقّه تعالى) ، وحكاه عنه الفخر الرازي في المطالب العالية في العلم الإلهي ٣ : ١٧٨ ، شرح المقاصد للتفتازاني ٢ : ٩٦.
(٦) (أنّه) لم ترد في «ب».
(٧) في «د» : (وكلّ).