كالواجب وكان يخلقه (١) قبل خلقه ، والثاني ضعيف لجواز أن يلتذّ بكماله كما يذهب إليه الفلاسفة ، سلّمنا لكن يكون الالتذاذ مشروطا بالحصول في وقت معيّن كتناول الطعام.
أقول :
الألم واللذّة يمتنع اتّصاف الله تعالى بهما عند المتكلّمين (٢) ، ولمّا كان الألم ممتنعا عليه عند الجميع ـ وإنّما الخلاف في اللذّة ـ أهمل ذكر الألم ، وأيضا فالدليل الأوّل على استحالة كونه تعالى ملتذّا دالّ على استحالة كونه متألّما.
واعلم أنّ الفلاسفة يفسّرون اللذّة بأنّها إدراك الملائم من حيث هو ملائم ، والألم بأنّه إدراك المنافي من حيث هو مناف ، ولمّا كان الإدراك تارة يقع بواسطة القوى الجسمانيّة وتارة يقع بالامور العقليّة انقسمت اللذّة والألم إلى جسمانيّ ونفساني (٣).
ثمّ إنّ اللذّة الاولى أضعف من الثانية وكذلك الألم ، لأنّ الإدراك العقلي أتمّ من الإدراك الحسّيّ (٤) من حيث الإدراك ، ومن حيث المدرك ، ومن حيث البقاء والثبات ، ونسبة اللذّة كنسبة الإدراك إلى الإدراك ، والأوّل مستحيل (٥) في حقّه تعالى (٦).
__________________
(١) في «ف» : (مخلقه).
(٢) انظر المحصّل للرازي : ٣٧٠ ، تلخيص المحصّل للخواجة نصير الدين الطوسي : ٢٦٦ ، وحكاه عن المتكلّمين المصنّف في مناهج اليقين : ٣٢٨ ، وفي الطبعة الأخرى : ٢٠٨ ، وفي كتاب الأسرار الخفيّة : ٥٢٩.
(٣) (ونفساني) سقطت من «ف».
(٤) في «ف» : (الجسمي).
(٥) في «ج» «د» «ف» : (يستحيل).
(٦) في «ج» : (حق الله تعالى) بدل من : (حقّه تعالى).