ومتى تكون الإمامة واجبة إذا قام غيرها مقامها أم إذا لم يقم؟
أقول :
لمّا ذكر الحجّة على وجوب الإمامة على الله تعالى أخذ في الاعتراض عليها ، وذكر هاهنا أقوى ما تمسّك به المخالف من الاعتراضات :
أوّلها : أن (١) نقول : لا نسلّم أنّ الإمامة مطلقا لطف ، وإنّما تكون لطفا إذا كان الإمام ظاهرا مبسوط اليد ، أمّا إذا كان مستورا خائفا فإنّه لا تكون لطفا ، وذلك ظاهر.
وثانيها : لا نسلّم أنّ اللطف واجب مطلقا ، بل إنّما يكون واجبا إذا خلا من جهات القبح ، فإنّ الفعل المشتمل على نوع مفسدة وإن اشتمل على مصالح كثيرة يستحيل صدوره من الله تعالى ، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن تكون الإمامة وإن كانت لطفا إلّا أنّها قد اشتملت على نوع مفسدة خفيّة علينا ، وعلى هذا التقدير استحال الجزم بوجوبها على الله تعالى (٢).
لا يقال : هذا الاعتراض ساقط ، لأنّه يلزم منه أن لا يجب شيء أصلا ، لأنّه ما من واجب إلّا ويمكن أن يقال : إنّه قد اشتمل على نوع مفسدة (٣) ، فيستحيل الجزم بوجوبه ، ويلزم من ذلك أن لا تكون المعرفة واجبة ، وذلك باطل بالإجماع.
لأنّا نقول : إنّ الواجب منه ما يجب على المكلّف (٤) ، ومنه ما يجب على الله تعالى ، والقسم الأوّل يكفي في الجزم بوجوبه ظنّ خلوّه عن المفاسد ، والقسم الثاني
__________________
(١) في «ب» : (أنّا).
(٢) انظر النكت الاعتقاديّة للشيخ المفيد : ٤٥.
(٣) (مفسدة) لم ترد في «د».
(٤) في «ب» : (المكلّفين).