أقول :
هذا جواب الوجه الثاني ، وهو أوّلا بمنع (١) وجود الكلّيّ في الذهن ، وتقريره من وجوه :
أحدها : الذهن إن طابق الخارج لزم وجود الكلّيّ في الخارج وهو محال ، ولأنّه يلزم إبطال الدليل ، وإن لم يطابق فهو جهل.
وثانيها : الكلّيّ إمّا مقوّم للجزئي ، وإمّا عارض له ، ومقوّم الشيء والعارض له يستحيل عروضه لغيره.
وثالثها : الذهن شخصيّ ، فالعرض الحالّ فيه شخصيّ ، فلا كلّي ، وبأنّها (٢) لو سلّم وجود الكلّيّ في الذهن لكنّه صورة شخصيّة حالّة في نفس جزئيّة ، وتؤخذ من حيث هي هي ، فتكون كلّيّة.
فنقول : لم لا يجوز أن يكون النفس جسما وتكون هذه الصورة (٣) حالّة فيه وتكون جزئيّة من حيث حلولها في هذا الجسم وكلّيّة من حيث هي هي؟
قال :
والثالث : بمنع المقدّمتين معا إذا الجسمانيّة تقدّر على سبيل الوساطة لا البدائيّة (٤) ، وعندكم النفس قابلة للمعقولات.
أقول :
هذا جواب الوجه الثالث وهو بمنع المقدّمتين معا ؛ أمّا الصغرى فلأنّ عندكم
__________________
(١) في «ب» : (إنّا أوّلا نمنع) ، وفي «د» : (أوّلا منع) بدل من : (أوّلا بمنع).
(٢) في «ب» «ج» «ر» : (ثانيا).
(٣) في «ر» : (الصور).
(٤) في «ب» «د» : (المبدئية).